أهم المساجد التاريخية بفاس
مدينة فاس هي معلمة تاريخية ماضيا وحاضرا، ولا عجب اطلاقا في كونها استاثرت بلقب المدينة العلمية للدولة المغربية. ولان لها هذه المكانة، فلا غرو ان تحتضن الكثير من العالم التاريخية في جوفها، منها القصور و الحدائق والمنتزهات، ألا اننا اليوم سنقتصر في هذا المقال على المساجد والجوامع التاريخية للمدينة عبر العصور.
فماهي أبرز مساجد وجوامع مدينة فاس؟ ما الذي يميز كلا منها عن الاخر، و ما هي الكنوز التاريخية التي أغرت ولا تزال الحجاج والزوار من كل بقاع العالم ليحجوا اليها رغم بعد المسافات و تعاقب السنين الطويلة؟
جامع القرويين
جامع القرويين هو واحد من أبرز المعالم التاريخية في مدينة فاس. بني المسجد في القرن التاسع في عهد الأدارسة على يد فاطمة الفهرية التي وهبت ثروتها من أجل تشييده. كان في بداياته الأولى مكانا للصلاة والتعبد، لكنه توسع عمرانيا بعد ذلك واضحى أهم مركز تعليمي في المغرب ككل، ويعتقد أنه كان أول جامعة متخصصة في العالم بأسره. يتميز الجامع بتصميمه المعماري الفريد والزخارف الفنية الرائعة، وله دور هام في نقل المعرفة والفكر بين الشرق والغرب.
تجسّد البناية التاريخية لجامع القرويين العديد من التطوّرات والتحولات عبر الزمن. للجامع 17 بابا تشكل مداخل رئيسية له، وتعد شاهدا رسميا وموثوقا على ما جرى من أحداث ومواقف تاريخية شهدها الجامع ومدينة فاس والمغرب الأقصى برمته. لعب جامع القرويين دورا رياديا من حيث التعليم وتمدرس على عتباته جهابدة العلم والثقافة في عصره، منهم المغاربة والعرب وحتى الغربيون.
جامع الاندلسيين
جامع الأندلس، المعروف أيضًا بجامع الأندلسيين، هو واحد من المساجد التاريخية البارزة في مدينة فاس. بُني هذا المسجد في العام 859 ميلادية على يد مريم الفهرية، وكان يقع على الضفة اليمنى لوادي فاس، المعروفة بعدوة الأندلس. شهد المسجد عدة تطورات عبر التاريخ، حيث قام الناصر الموحدي برسم الحدود الحالية للمسجد، وقد أضافت الأسرة المرينية نافورة في الفناء، وتمت إضافة مكتبة له خلال حكم العلويين، خيث قام المولى إسماعيل بتجديد المسجد أثناء حكمه. يعتبر جامع الأندلس مركزًا هامًا للعبادة والتجمع الديني في المدينة، حيث يستقطب المصلين والزوار لأداء الصلوات والتأمل في تاريخه العريق. تبرز جمالية تصميمه المعماري وأهميته الثقافية كعنصر حيوي في الهوية الثقافية لفاس.
جامع بوجلود
هو مسجد تاريخي يعود لعهد الموحدين في القصبة السابقة لبوجلود. يعتبر جامع بوجلود جزءاً من التراث الثقافي للمنطقة ويقع بالقرب من باب بوجلود، البوابة الرئيسية للمدينة القديمة. بني المسجد في القرن 12 الميلادي، ويُعتبر مثالاً بارزاً للهندسة المعمارية الموحدية. يتميز بتصميمه الرائع والمعقد الذي يعكس الفن الإسلامي التقليدي. ويعتبر جامع بوجلود واحدًا من أهم المعالم السياحية في فاس، ويجذب الزوار والمهتمين بالتاريخ والثقافة الإسلامية في المنطقة.
مسجد قصبة النوار
يعتقد ان هذا المسجد يرجع الى عصر حكم الموحدين لمدينة فاس والمغرب، و يشكل اليوم جزءا من التراث الثقافي للمنطقة. يعتبر المسجد مثالا آخر للعمارة الإسلامية التاريخية في المنطقة، ويجذب بشكل دائم الزوار والمهتمين بالتاريخ والثقافة الإسلامية.
المسجد الكبير
بني هذا المسجد في فاس الجديد عام 1276 ميلادية، ويعتبر واحدا من أهم المعالم الدينية والثقافية في المدينة.
يتميز بتصميمه الرائع والضخم الذي يعكس الفن الإسلامي التقليدي، ويعتبر مركزا للعبادة والتجمع الديني للمسلمين في المنطقة. يستقطب المسجد الكبير الزوار والمهتمين بالتاريخ والثقافة الإسلامية، ويعتبر جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي لمدينة فاس.
مسجد ابي الحسن
يتواجد مسجد أبو الحسن في فاس البالي، المدينة القديمة في فاس. يقع على شارع الطالعة الصغرى بالقرب من المدرسة البوعنانية.
تم بناء المسجد عام 1341 ميلادية على يد السلطان المريني أبو الحسن. يعتبر المسجد جزءا من البنية التحتية الدينية للمدينة ويستخدم للصلوات اليومية والمناسبات الدينية الخاصة.
مسجد الشرابليين
هو مسجد تاريخي يقع في فاس، وقد بني في العصر المريني. يعتبر جزءا من التراث الديني والثقافي للمدينة، ويتميز بتصميمه الفني الرائع الذي يعكس الهندسة المعمارية المرينية. يستخدم المسجد لأداء الصلوات اليومية والأحداث الدينية الخاصة، ويشكل مكانا هاما للمصلين والزوار للتأمل والعبادة.
مسجد الحمراء
بني مسجد الحمراء في فاس الجديد إبان عهد المرينيين. يعتبر هذا المسجد جزءا من التراث الثقافي والديني للمنطقة، ويمتاز بتصميمه الفني الرائع الذي يعكس الطابع الإسلامي التقليدي.
مسجد لالة زهر
جامع لالة زهر، المعروف أيضا بجامع الحجر، هو مسجد يقع في فاس الجديد بمدينة فاس. يعتقد أن اسمه يرتبط بمدخل البوابة الحجرية. تم تأسيس المسجد واكتماله في عام 1357 م (759 هـ)، وذلك في عهد السلطان المريني أبو عنان فارس.
مسجد لالة غريبة
يقع مسجد لالة غريبة في الحي الرئيسي لفاس الجديد. شيد في عهد السلطان المريني عثمان الثاني المريني في عام 1408 م.
مسجد باب الجيسة
يعود تاريخ مسجد باب الجيسة إلى عهد السلطان المريني أبي الحسن (1331-1351م)، وهو واحد من المساجد التاريخية البارزة في مدينة فاس بالمغرب. يقع قرب باب الكيسة في شمال فاس البالي بالمدينة القديمة، ويشكل مركزًا دينيًا هامًا في المنطقة. تم تعديله وتجديده بشكل كبير في القرون اللاحقة للحفاظ على هذا التراث الثقافي القيم وضمان استمرارية دوره الديني والاجتماعي في المدينة.
مسجد مولاي عبد الله
بني هذا المسجد في أوائل القرن الثامن عشر خلال حكم السلالة العلوية. يتميز مسجد مولاي عبد الله بتصميمه المعماري الفريد الذي يمزج بين العناصر التقليدية والعلوية، مما يعكس جمالية استثنائية. يضم المسجد أيضا مقبرة تضم ضريح السلطان مولاي عبد الله وأفراد السلالة العلوية لاحقا. تعد هذه المقبرة مكانا مقدسا يحترمه المسلمون ويستقطب الزوار للصلاة والتأمل وطلب البركة. يظل مسجد مولاي عبد الله مركزا هاما للعبادةفي المدينة، ويجذب الزوار لاستكشاف جماله الروحاني والمعماري.
مسجد الديوان
خرج هذا المسجد إلى الوجود في عهد السلطان مولاي سليمان من السلالة العلوية، خلال فترة حكمه بين عامي 1792 و1822.
يتميز مسجد الديوانبموقعه المركزي في فاس البالي حيث يقع في شارع الديوان، بالقرب مباشرة من الطلعة الكبيرة في الجهة الشمالية من المدينة عند الطرف الشرقي. إنه واحد من مساجد الجمعة الرئيسية في حي المدينة، ويشكل مركزا هاما للعبادة والتجمع الديني لسكان المدينة.
يتميز المسجد بتصميمه المعماري الرائع الذي يعكس الفن الإسلامي التقليدي ويحمل بصمة العلويين في البناء والزخرفة. وبفضل تاريخه العريق ودوره الديني الهام، يعتبر مسجد الديوان جزءا لا يتجزأ من تراث المدينة ووجهة مهمة للزوار والمصلين الذين يأتون للاستمتاع بروحانية المكان والتاريخ الثقافي الذي يحمله.
مسجد الرصيف
يقع عند مدخل حي الرصيف، ويتميز بموقعه البارز بعدوة القرويين قرب قنطرة الرصيف. مسجد الرصيف هو معلمة بناهاالمولى سليمان بن محمد العلوي، الذي توفي عام 1238 هـ.
يتمتع المسجد بصومعة عالية تعتبر الأعلى بين مآذن مدينة فاس، ولها شكل هندسي جميل يجذب الناظرين ويزين مدخل الرصيف.
كما يضم مسجد الرصيفساعة شمسية تضفي جمالا خاصا على المكان، مما يجعله واحدا من المعالم المميزة في المدينة التاريخية.
مسجد الواد
يعتبر مسجد الواد، أو جامع الواد، واحدا من المساجد التاريخية في المدينة العتيقة لفاس. يعود تاريخ بناء المسجد إلى القرن الرابع عشر، حيث أمر السلطان المريني أبو سعيد عثمان بن يعقوب ببناء مدرسة إسلامية في المكان في عام 1323. يتميز المسجد بتصميمه المعماري الفريد الذي يعكس الفن الإسلامي التقليدي، مما يجعله واحدا من المعالم الثقافية والدينية الهامة في المدينة.
مسجد عين الخيل
هو مسجد تاريخي يقع في المدينة القديمة بفاس. يعرف أيضا باسم جامع الأزهر، تبركا بجامع الأزهر بالقاهرة، تلك المنارة العلمية التاريخية المشهورة في مصر والعالم الاسلامي. كما لا ينبغي الخلط بينه وبين جامع لالة الزهر في فاس الجديد.
يشكل مسجد عين الخيل جزءا لا يتجزأ من التراث الثقافي والديني للمنطقة، حيث لم يوثق تاريخ بنائه بدقة.يتميز المسجد بتصميمه الفني الرائع الذي يعبر عن الطابع الإسلامي التقليدي. يعد المسجد مركزا هاما للعبادة والتجمع الديني لسكان المدينة والزوار، ويستقطب الكثيرين بجماليته وأهميته التاريخية.
جامع البيضاء
يوجد جامع البيضاء، ذأو مسجد البيضاء، بموقع هام في منطقة فاس الجديدة.يتميز المسجد بوجود نافورة فنية في الشارع المحيط به، وبمئذنة بارزة يمكن رؤيتها بشكل واضح على طول الشارع الرئيسي لفاس الجديد، وتقع شمال مسجد الحمراء مباشرة.
يشير الباحثون إلى وجود علامات واضحة على أن المسجد قد مر بمراحل بناء مختلفة، إلا أنهم لم يستقروا على تواريخ محددة، باستثناء افتراضهم بأنه تم بناؤه في وقت لاحق من مسجد الحمراء القريب، الذي يعود تاريخ بناؤه إلى القرن الرابع عشر.
يعتبر هذه المسجدان جزءا لا يتجزأ من تراث المدينة، ويشكلان معا عنصرا مهما من الجذب السياحي والثقافي في فاس.
جامع المزلجة
يقع في حي الدوح غرب فاس البالي. يعود تاريخ بناء الجامع في الأصل إلى العصر المريني، مما يجعله جزءا من التراث التاريخي الغني للمدينة. يتميز جامع المزلجة بلوحة زخرفية أنيقة مصنوعة من الخط الكوفي المربع التي تزين مدخل الشارع الذي يتوسطه مما يضفي جمالا فريدا على المنطقة المحيطة.
تمتاز مئذنة الجامع ، الموجودة بجوار شارع بن محمد العلوي الحديثة (الطريق الرئيسي المؤدي إلى ساحة الرصيف)، ببساطة غير عادية، حيث لا يوجد برج ثانوي على الإطلاق، بل يُزينها سقف هرمي صغير من البلاط الأخضر.
يعتبر الجامع مكانا هاما للعبادة والتجمع الديني لسكان المدينة والزوار، حيث يأتون للاستمتاع بجمالية تصميمه وللقيام بالصلوات والأنشطة الدينية.يعتبر جامع المزلجة بمثابة نقطة تحول رئيسية في الحي، حيث يجتمع الناس حوله لأداء الصلوات وللتواصل الاجتماعي، مما يعزز من أهميته كمركز ديني وثقافي في المدينة.
مسجد درب الشيخ
يقع مسجد درب الشيخ شمال شرق حمام المخفية في حي الجزيرة بفاس. تميزه مئذنة مزخرفة بالدرج والكتف على الواجهة الجنوبية والشرقية التي تواجه الشارع، في حين بقيت الواجهتان الشمالية والغربية خالية من الزخارف.
تم إعادة بناء برج الفانوس الثانوي، الموجود أعلى العمود الرئيسي للمئذنة، مؤخرا، مما أضاف جمالا إلى الموقع التاريخي.
يعد مسجد درب الشيخ مركزا دينيا وثقافيا مهما في المنطقة، حيث يأتي السكان المحليون والزوار لأداء الصلوات والتجمع الديني، وللاستمتاع بتصميمه الفني وجمالية زخارفه.
مسجد عين زليتن
من المرجح أن يعود تاريخ مسجد عين زليتن، الواقع في حي عين زليتن شمال فاس البالي، إلى أواخر القرن الرابع عشر خلال الفترة المرينية.
تشترك مئذنته مع مئذنة مسجد درب الشيخ في خاصية الزخرفة الانتقائية، حيث تكون واجهتها الشمالية المواجهة للشارع مزخرفة بدقة، بينما تبقى الواجهات الأخرى خالية من الزخارف.
المساجد التاريخية في مدينة فاس هي موروث تاريخي وثقافي غني ومتنوع، ولا غرو أن تشكل مزارا فريدا لهوات التاريخ الحضاري والعمراني، ووجهة مثلى للمصلين والباحثين عن كنوز المعرفة الاسلامية الاصيلة. لكل مسجد منها خصائصه وميزاته التي تغرف من الماضي ما استعصى على اقلام المؤرخين، الذين يتهافتون من كل صوب وحذب لسبر بعض أغوار تلك الاسرار التاريخية التي لا تبوح بها جدران المعالم إلا بعد عناء بحث طويل.
مساجد فاس القديمة هي تراث لابناء المدينة كل سكان المعمور، لانها حضارية، والحضارة ليست ملك احد، وان كان هناك من يمثلها بين فينة واخرى، أنها موروث انساني للبشرية جمعاء.