تاريخ مراكش

تاريخ مدينة مراكش ومعالمها الأثرية

مراكش عاصمة السياحة بالمغرب، وثالث أكبر مدينة من حيث السكان، مدينة النخيل، ومقصد من يرغب في التجوال والاستمتاع، عرفت عبر تاريخها تعاقب عدة دول عليها، وتميزت بكونها كانت عاصمة لأغلب الدول التي حكمت المغرب، تعرف مراكش أيضا بلقب “مدينة سبعة رجال”، ويرجع أصل هذا اللقب إلى مجموعة من العلماء والصوفية الذين عاشوا فيها ولعبوا دورا كبيرا في نشر الوعي الفكري والسياسي والتربوي، ومنهم: يوسف بن علي الصنهاجي، وعياض بن موسى اليحصبي، وأبو العباس السبتي، ومحمد بن سليمان الجزولي، وعبد العزيز التباع، ومحمد بن عجال الغزواني، وعبد الرحمن الضرير.

أصل تسمية مدينة مراكش

اختلفت وتعددت الروايات حول أصل ومعنى اسم “مراكش”، فهي تعني بالأمازيغية كلمة “أمور كوش” والتي تعني “أرض الله”، حسب المؤرخة سوزان سيرايت، وقد وجد الاسم لأول مرة في مخطوطة من القرن الحادي عشر في مكتبة القرويين بفاس، وهو ما اعتبر أقدم توثيق لها حيث أُعطي لها معنى “بلد أبناء كوش” كما أن كلمة “مور” مأخوذة من كلمة موريتانيا، المملكة القديمة في شمال أفريقيا،كما نجد في اليونانية القديمة لفظا مقاربا لكلمة مراكش وهو (مافروس) التي تعني “السود”، كما وردت مطابقة للنطق المغربي في اللغة الفارسية (مراكش)، أما في الإسبانية فنجد كلمة (مارويكوس)، فيما نجد في الإنجليزية كلمة (موروكو)، وكل هذا يدل على أن اسم مراكش هو اسم قديم وعريق ويصعب تحديد اللغة التي جاء منها، لكن باعتبار أن الأمازيغ هم السكان الأصليون للمغرب، فالأقرب أن اسم “مراكش” اشتق من الكلمة الأمازيغية.

الموقع الجغرافي لمدينة مراكش

الموقع الجغرافي لمراكش

تتواجد مراكش على بعد 580 كيلومتر (360 ميل) جنوب غرب طنجة، وعلى بعد 327 كيلومتر (203 ميل) جنوب غرب العاصمة المغربية الرباط، و239 كيلومتر (149 ميل) جنوب غرب الدار البيضاء، و196 كيلومتر (122 ميل) جنوب غرب بني ملال، و177 كيلومتر (110 ميل) شرق الصويرة، و246 كيلومتر (153 ميل) شمال شرق أكادير.

عدد سكان مراكش

عدد سكان مراكش

حسب الإحصاء الذي تم القيام في 2014، بلغ عدد سكان مراكش 928,850 نسمة، مقارنة بـ 843,575 نسمة في عام 2004. كما وصل عدد الأسر المعيشية في عام 2014 ما يقارب 217,245 أسرة، والتي كان عددها 173,603 أسرة في عام 2004.

مراكش عبر التاريخ

تاريخ مدينة مراكش

منذ العصور الوسطى وحتى بداية القرن العشرين، كان المغرب بأكمله يُعرف باسم “مملكة مراكش”، حيث كانت مراكش العاصمة التاريخية للمملكة، فالمغرب كاسم لا يزال يعرف حتى الآن في الفارسية والعديد من اللغات الأخرى في جنوب آسيا، باسم “مراكش”، وكانت منطقة مراكش موطنا لمزارعين أمازيغيين منذ العصر الحجري الحديث، وقد تم اكتشاف العديد من الأدوات الحجرية في المنطقة.

تأسيس مدينة مراكش على يد المرابطين

تاريخ مراكش في فترة دولة المرابطين

كان المرابطون هم من بنوا مدينة مراكش، فأبو بكر ابن عمر، هو الذي بنى الأسس الأولى للمدينة، ومن ثم أكمل يوسف بن تاشفين بناء المدينة ،وفي عهده (1061-1107) كانت خلال ذلك العهد عاصمة ومركزا سياسيا وثقافيا للدولة وكل الغرب الإسلامي، وواحدة من أربع مدن في الإمبراطورية في القرن الثاني عشر، أنشأ بها المرابطون العديد من المدارس الإسلامية (المدارس القرآنية) والمساجد في المدينة، وتميزت هذه المباني بالطابع الأندلسي، اشتهرت بلقب “المدينة الحمراء” بفضل الجدران الحمراء التي بناها علي بن يوسف بن تاشفين في الفترة بين 1122-1123، والمباني المتعددة التي شيدت من الحجر الرملي الأحمر خلال تلك الحقبة، وصفها الحميري في كتابه “الروض المعطار في خبر الأقطار” بأنها أكبر “مدن المغرب الأقصى”.

تاريخ مراكش في فترة حكم الموحدين

تاريخ مكراكش في فترةى دولة الموحدين

في عام 1147 ميلادي، استولى الموحدون بقيادة عبد المؤمن بن علي على مراكش بعد حصار استمر لفترة، ودمروا القبة الحمراء وأنشأوا مسجدا جديدا في ذات الموقع، وجعلوا المدينة عاصمة لهم، وتم تطويرها في عهدهم، وترك الموحدون معالم لا تزال قائمة حتى اليوم، أهمها ساحة جامع الفنا ومسجد الكتبية، وأخذت الأسوار والمباني تصبغ بلون الآجر والطين، متناسقة مع لقب “المدينة الحمراء”.

تاريخ مراكش في فترة حكم المرينيين

تاريخ مراكش في فترة حكم المرينيين

في عام 1269 ميلادي، احتل المرينيون مراكش بعد ضعف الموحدين، وأقاموا بها العديد من المنشآت والمباني، غير أنها لم تحظ معهم بأسي أهمية ولا مكانة، إذ كانت عاصمة المرينيين هي فاس.

تاريخ مراكش في فترة حكم السعديين

تاريخ مراكش في فترة حكم السعديين

بعد تأسيس دولة السعديين، استعادت مراكش مكانتها كعاصمة لبلاد المغرب الأقصى بعدما نجح محمد الشيخ في الاستيلاء عليها. وأصبحت مراكش حاضرة لدولة كبرى تحكم المغرب بأسره وتسيطر على غرب أفريقيا. نجح السعديون في هزيمة الملك البرتغالي سباستيان في معركة الملوك الثلاثة، وقتل الملك البرتغالي في هذه المعركة في عام 986 هـ، وتم طرد البرتغاليين نهائيا من المغرب، وأدى استلاء السعديين على تمبكتو في دولة مالي، وسيطرتهم من هناك على مناجم الملح وتجارة الذهب والعاج والأبنوس، إلى ازدهار مراكش كونها عاصمة الدولة، شيد السعديون في مراكش طوال مرحلة حكمهم معالم كثيرة مثل قصر البديع ومدرسة ابن يوسف وقبور السعديين، بالإضافة إلى عدد من السقايات.

تاريخ مراكش في فترة حكم العلويين

تاريخ مراكش في فترة الدولة العلوية

سقطت مدينة مراكش في غياهب النسيان بعد سقوط السعديين، ما أدى إلى فقدان العديد من ملامحها الهامة وتراثها الثري الذي تحطم وسقط في الخراب، لكنها استعادت هيبتها في زمن العلويين، الذين عملوا على إعادة بناء أسوارها وقصبتها، وإنشاء مبانٍ ومساجد جديدة، إذ قام المولى رشيد بترميم مسجد بن صالح المريني، كما عمل السلطان سيدي محمد على إعادة مراكش إلى مكانتها من خلال إنشاء أحياء ومعالم جديدة. يمكن القول أن مراكش اتخذت شكلها النهائي ابتداءً من فترة حكم هذا السلطان، حيث اقتصرت المراحل اللاحقة على ترميم ما تم إنجازه منذ العصور الوسطى.

قصور مراكش التاريخية

قصر البديع

قصر البديع جزء من تاريخ مراكش

هو واحد من أبرز المعالم التاريخية في مراكش، تم إنشاؤه في عهد الملك السعدي أحمد المنصور الذهبي، في عام 1578 م، ويعتبر رمزا لانتصار المغرب على الجيش البرتغالي في معركة وادي المخازن، يتميز التصميم العام للقصر بتوزيع متناسق للبنايات حول ساحة مستطيلة الشكل، وتوسطها صهريج كبير يحتوي على أربعة صهاريج جانبية تتخللها حدائق، وقد تعرض للهدم في عام 1696 م على يد المولى إسماعيل السعدي، حيث استخدمت العناصر المزينة للقصر في زخرفة بنايات عاصمته الجديدة مكناس.

قصر الباهية

قصر الباهية جزء من تاريخ مراكش

تم تشييده في القرن التاسع عشر عند مدخل المدينة القديمة على يد أحد أشهر وزراء السلطان مولاي الحسن المعروف باسم باحماد، استغرق بناء القصر وقتا طويلً نظرا لحجمه الكبير، يمتد القصر على مساحة تقارب الهكتارين، ويضم مجموعة من المرافق مثل رياض صغير وصحن صغير وساحة شرفية مساحتها 50 متر مربع، والتي تحيط بها أروقة مدعمة بأعمدة خشبية.

القبة المرابطية

قبة المرابطين جزء من تاريخ مراكش

وتعتبر شاهدا على الفن المعماري المرابطي الرائع، توجد القبة المرابطية في الجهة الجنوبية لساحة بن يوسف بالمدينة القديمة في مراكش، مما يجعلها جزءًا مهمًا من الهوية المعمارية للمدينة، تتميز القبة بوجود نقش غير واضح يعلوها، ويعتقد أن اسم السلطان علي بن يوسف منقوشًا عليها. كما يمتاز مدخل القبة من الشمال والجنوب بقوسين مزدوجين على شكل حدوة فرس، مما يضيف لمسة جمالية إلى التصميم.

أبرز المعالم التاريخية بمراكش

ساحة جامع الفنا

ساحة جامع الفناء معلمة تاريخية بمراكش

ساحة جامع الفنا هي واحدة من أشهر الساحات المعروفة والمشهورة في أفريقيا، وتعتبر مركزا للنشاط التجاري، وهي جسر بين الماضي والحاضر، حيث تجتمع التقاليد المغربية بالتراث الشفهي، تم اعتبارها من مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1985.
تم تجديد الساحة بالتزامن مع تجديد جزء كبير من مدينة مراكش، حيث تم تمديد جدرانها وإصلاح المسجد والقصر والمستشفيات والحدائق المحيطة بها، بالإضافة إلى تحصين القصبة، تاريخيا، كانت هذه الساحة مكانا لقطع رؤوس الناس من قبل الحكام الذين سعوا للحفاظ على سلطتهم.

جامع الكتبية

حامع الكتبية معلمة تاريخية بمراكش

مسجد الكتبية معلمة معروفة وعريقة بمراكش يعود اسم المسجد إلى “الكتبيين”، وهو سوق لبيع الكتب يعتقد أنه كان موجودا بالقرب من المسجد، تم بناء المسجد الثاني في عام 1158م، وهو يشبه من حيث الحجم البناء الأول، يتكون من قاعة للصلاة مستطيلة الشكل تضم سبعة عشر رواقا موجهة نحو القبلة. يتميز التصميم بالأعمدة والأقواس المتناسقة والتيجان الفريدة التي تشبه تلك الموجودة في جامع القرويين بفاس. يجسد التقاء رواق القبلة بقببه الخمسة والرواق المحوري التصميم البارع للعمارة الدينية المرابطية.

قبور السعديين

قبور السعديين تاريخ ماركش

هي معلمة تاريخية بارزة في مراكش، تحتوي على ضريح للعائلة الملكية السعدية، وهي عبارة عن مسجد صغير داخل الضريح، وتتكون من ثلاثة أروقة مدعومة بأعمدة من الرخام. يتميز المحراب بجمالية معمارية وزخارف فنية مميزة.

أسوار مراكش

اسوار مراكش تاريخ مراكش

تعتبر اسوار مراكش من التحف المعمارية التي تعكس تاريخ المدينة وتحكي قصتها العريقة، تم بناء هذه الأسوار من قبل المرابطين في القرن الثاني عشر لتعزيز الدفاعات الواقية للمدينة، تمتاز الأسوار بتصميمها القوي والمتين، حيث شيدت من الطين الأحمر البرتقالي المميز والطباشير، مما منحها لقب “المدينة الحمراء”، يصل ارتفاعها إلى 19 قدما وتمتد على طول 19 كيلومترا مع وجود 20 بوابة وحوالي 200 برج على طولها.

المتاحف

متاحف مراكش التاريخية

توجد بمراكش متاحف عديدة، أبرزها متحف دار السي سعيد الذي يوجد في المدينة القديمة، ويضم مجموعة من الفن الإسلامي والتاريخي والحرف اليدوية التقليدية، ومتحف دار الباشا الذي تعرض به مجموعة من الأعمال الفنية والتحف الثقافية التي تعكس تاريخ وثقافة مراكش، إضافة لمتحف مراكش الذي يضم مجموعة من القطع الأثرية والفنية من مختلف الحقب التاريخية، ومتحف محمد السادس لحضارة الماء الذي يعرض تاريخ وثقافة الماء في المغرب، وهوالأول من نوعه في المملكة.

لمراكش تاريخ مديد وعريق عبر التاريخ، وقد شكلت منذ نشأتها الدائرة التي تجذب نحوها الاهتمام، فقد كانت عاصمة للمغرب لدى ثلاث امبراطوريات كبرى، كما أنها بالنسبة لأهل العلم والتصوف كان مزارا لطلب العلم، ومنذ القدم وحتى يومنا هذا فمراكش حافظت على كونها قطبا سياحيا بامتياز.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *