تاريخ ساحة جامع الفناء

ساحة جامع الفنا سحر من التاريخ والثقافة في قلب مراكش

تعتبر ساحة الفنا والتي أصبحت معروفة اليوم بساحة جامع الفنا من أهم وأشهر الأماكن والمعالم بمراكش، وهي ساحة اضحت مشهورة وطنيا وعالميا، وشهرتها فاقت كل التوقعات، ويجتمع بها الناس يوما للترفيه عن أنفسهم، أو للتسوق بالأسواق القريبة منها، أو للتجول عبر أحياء المدينة القديمة وأوقتها القريبة منها، في ساحة الفنا يجد الإنسان ما يثلج قلبه، فهي مكان ساحر يتجدد الارتباط به كل مرة، في هذا المقال سنتعرف على كل ما يتعلق بساحة الفنا، بداية بتاريخها، وانتهاء بأهم ما يجب الاستعداد قبل زيارتها.

تاريخ ساحة جامع الفنا منذ الظهور إلى الآن

ساحة جامع الفناء بمراكش

إن تاريخ ساحة جامع الفنا عريق بعراقة مراكش المتواجدة منذ القرن الحادي عشر الميلادي، وتذهب أغلب الروايات التاريخية إلى أن الساحة بنيت وتم تشييدها خلال فترة حكم المرابطين، حيث كان الهدف من بنائها في البداية هو تسهيل عمليات التجارة والتبادل التجاري، فقد كانت مركزا حيويا وملتقى تجارة القوافل التي كانت تعبر الصحراء الكبرى ومنها إلى الأندلس أو إلى الشرق.

تحولت الساحة إلى مركز للاجتماعات العامة والأنشطة الاجتماعية والدينية، زادت أهميتها بعد إنشاء جامع الكتبية في وسطها، وكانت موقعا لاستعراضات الجيوش واستعدادات الحكام والسلاطين خلال فترات الصراع والحروب، خاصة في عهد المرابطين والموحدين، ومنذ ذلك الحين، أصبحت رمزا لمدينة مراكش وشاهدة على تاريخها وتطورها.

يقال أنها تاريخيا، كانت مكانا لقطع رؤوس الناس من قبل الحكام الذين سعوا للحفاظ على سلطتهم، كما أنها أصبحت خلال القرن العشرين ساحة عامة تستخدم لتنفيذ أحكام الإعدام العلنية وكانت مركزا للاحتفالات الدينية، وقد تم اعتبارها من مواقع التراث العالمي لليونسكو منذ عام 1985م.

ووهناك رواية أخرى تدعي أن الساحة لم تظهر إلا خلال العصر السعدي في القرن السادس عشر الميلادي، ويعتقد أن المؤسس الرئيسي للساحة هو السلطان السعدي أحمد المنصور، الذي حكم المغرب من 1578م إلى 1603م، غير أن المتفق عليه على أن الساحة وجدت في عد الإمبراطورية المرابطية.

عمل كل من مر على حكم مراكش على توسيع الساحة وتحسينها على مر السنين، مع إضافة المزيد من المعالم السياحية والأسواق الصغيرة والمحلات التجارية، كما تم تمديد جدرانها وإصلاح المسجد والقصر والمستشفيات والحدائق المحيطة بها، بالإضافة إلى تحصين القصبة.

يعتبر الناس في مراكش والزوار من مختلف أنحاء العالم ساحة جامع الفنا مكانا مميزا يفخر به كل من يمر منها، حيث تعكس تاريخا غنيا بالتراث والثقافة المغربية، وتجذب الزوار بجمالها وروعتها الفريدة.

التسمية بساحة الفنا

اختلفت الروايات التاريخية والحديث حول سبب تسمية ساحة جامع الفنا بهذا الاسم، ورأى البعض أن الاسم مستوحى من جامع الفناء، والذي كان يطلق عليه في الأصل جامع الهناء.

بينما نجد أن رواية أخرى تشير إلى أن الاسم جاء نسبة إلى الطاعون الذي اجتاح مراكش بعد بناء الجامع، مما أسفر عن تدمير وخراب واسع، أدى إلى فناء عدد كبير من السكان بسببه.

غير أن الرواية التي تبدو أقرب إلى الحقيقة، هي أن ساحة جامع الفنا تم تسميتها وإطلاق نفس لفظ الفنا على مسجدها، كون الموحدين أفنوا المرابطين عن آخرهم في هذه الساحة، فكانت المكان الذي أفنى به عبد المؤمن الكومي وجيوشه ما تبقى من أنصار ومؤيدي الحكم المرابطي.

أسباب تشييد ساحة الفنا

jamaa el fna

تتعدد الأسباب التي أدت لتشييد وبناء ساحة الفنا، لكن المتفق عليه، هو أن الأسباب الدين والتجارية كانت وراء ظهور ساحة الفنا لأول مرة، فقد كانت الساحة في البداية سوقا لتلبية احتياجات الوافدين إلى المدينة والسكان المحليين، ومع بناء جامع الكتبية بالقرب من الساحة زادت أهميتها دينيا، حيث أصبح الرحالة والتجار والأهالي يتوافدون عليها للسؤال في الدين وطلب النصيحة الدينية.

من جهة أخرى تم اعتماد الساحة لأغراض عسكرية محضة، حيث استغلها ملوك وأمراء المرابطين لاستعراضات الجيش والاستعداد قبل خوض المعارك، كما كانت الساحة في مرحلة حكم السعدين مكان اجتماع المتدربين الجدد في الجيش.

أهمية ساحة الفناء الثقافية

تعد ساحة جامع الفنا محورا ثقافيا واجتماعيا حيويا في مراكش، تضم الساحة مسجد الكتبية التاريخي، الذي كان ولا يزال مركزا دينيا مهما ومرجعا للعلم في المدينة.

تعتبر الساحة مكانا للتفاعل الاجتماعي، حيث يتجمع الناس للاستمتاع بجمال المكان وتنوعه الثقافي. تنتشر في الساحة العديد من أكشاك الطعام التي تقدم الأطباق المغربية التقليدية مثل الطاجين والكسكس، مما يمنح الزوار تجربة طعام فريدة.

الترفيه في ساحة الفنا

ساحة جامع الفناء

تضم الساحة وسائل ترفيه متنوعة، أهمها الحلايقية الذي يقدمون الحلقة، كما أن ممتهنات الرسم بالحناء وعارضو القرود والأفاعي هم أبرز ما يصنع التسلية بالساحة.

الحلقة

الحلفة جامع الفناء

تعد من أبرز العروض الشعبية التي تعكس ثقافة وتراث البلاد، إنها عبارة عن عرض فني وحرفة تعكس تفاعل الناس مع الفن والترفيه بطريقة مباشرة وحية، إذ يتجمع الناس حول الحلقة للاستمتاع بالعروض الهزلية والأداءات الموسيقية التقليدية والقصص الشعبية التي يقدمها الحلايقية بشكل عفوي وحيوي.

تعتبر الحلقة مساحة حرة للتعبير عن الثقافة والتراث المغربي، حيث يقدم الحلايقية قصصا وأحداثا تاريخية وشعبية بأسلوبهم الخاص، مما يجعل الجمهور يتفاعل ويشارك في العرض، كما يتيح العرض للعديد من الحرفيين الفرصة لإظهار مواهبهم ومهاراتهم الفنية، سواء كان ذلك بالرواية والتجسيد، أو عبر العزف على المزامير والطبول.

يمتاز العرض بالطابع الهزلي والتفاعلي، حيث يقوم الفنانون بتجسيد الشخصيات بشكل طريف ومضحك، ويشجعون الجمهور على المشاركة وتقديم التعليقات والتصفيق، وفي نهاية العرض، يُقدم الجمهور قطع نقدية كتقدير وتشجيع للفنانين والممثلين على جهودهم وعروضهم المميزة.

الأنشطة في ساحة جامع الفنا

انشطة جامع الفناء

علاوة على الاستمتاع بعروض الحلايقية أو بنقش الحناء أو باللعب مع القرود أةو التقاط الصور مع الأفاعي، تتوفر العديد من الأنشطة التي يمكن القيام بها في ساحة جامع الفنا، وهذه أبرزها.

زيارة جامع الفنا المتواجد داخل الساحة، إذ تتيح رؤيته التعرف على معلمة تاريخية مهمة من ناحية العراقة والمعمار.
التسوق في الأسواق، إذ توجد العديد من الأسواق التقليدية التي تبيع المنتجات المحلية والحرف اليدوية والتحف والملابس والمجوهرات والأدوات المنزلية.

الاستمتاع بالمأكولات المغربية، عبر تجربة العديد من الأطباق الشهية مثل التاجين والحريرة والمشويات والحلويات المغربية التقليدية.

زيارة متحف مراكش للفن الحديث والمعاصر، والذي يضم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية الحديثة والمعاصرة للفنانين المحليين والدوليين.

استكشاف الحمامات السبعة:، والتي تعد من المعالم الأثرية الهامة في مدينة مراكش، حيث تم بناؤها في القرن الخامس عشر الميلادي، وتستخدم للاستحمام والاسترخاء.

الشوارع الضيقة، والتي تصطف حول المسجد وهي تشبه المتاهة، مما يوفر تجربة استكشافية مثيرة للمتجولين ويعكس الطابع التقليدي للمدينة القديمة.

أهم الأشياء والنصائح التي يجب أن تعرفها قبل زيارة ساحة الفنا

نقدم لك نصائح ذهبية كي نجعلك مستعدا بشكل تام للقيام بزيارة لساحا الفنا ومسجدها العريق، والتجول بها بكل أريحية، فعادة الزوار الجدد بعد إتهاء زيارتهم ومغادرتهم مراكش تجدهم ينتقدون أمورا كثيرة لم تكن لديهم في الحسبان، كي لا يحدث لك ذلك، تعامل مع ما سنورده الآن بجدية تامة.

التعامل مع الزحام، حيث أن الساحة مزدحمة دائما بالزوار من السكان المحليين والسياح، لذا توقع حشودا كبيرة واستعد للتنقل بينها.

الانتباه للحيل، أينما ذهبت ستجد نفسك في مواجهة المحتالين، لذلك حينما تطأ قدماك ساحة الفنا كن حذرا من المحتالين الذين قد يستغلون كونك سائحا، تعامل بحذر ولا تقبل أي عروض تبدو مشبوهة.

تجربة طعام الشارع، من الضروري عليك أن لا تفوت فرصة تذوق المأكولات المحلية، وخاصة الحساء المغربي المعروف بالحريرة، فهي تجربة لا بد منها.

التفاوض على الأسعار، ضع في اعتبارك دائما أن تكون مستعدا لعملية شراء أي شيء من السوق، لذا تذكر أن التفاوض على الأسعار جزء من التجربة، وهكذا يمكنك عقد الصفقات مع البائعين بكل أريحية.

إن ساحة الفنا، أو ساحة جامع الفنا كما يرغب كل أن يطلق عليها، هي مكان ساحر ومميز بمراكش، جمعت بين غرابة التاريخ الذي مر بها، وروعة الحاضر الذي تصنعه كل يوم، فهي مكان مثير للانتباه يجذب نحوه الزوار من أي مكان في الأرض.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *