صورة بارزة لجزيرة موغادور قرب الصويرة، تُظهر جمالها الطبيعي وتاريخها العريق.

جزيرة موغادور تاريخ غني ومعلمة طبيعية بالصويرة

عندما تقف ناظرا نحو أمواج بحر المحيط الأطلسي المتلاطمة خلال تجولك بشاطئ الصويرة الساحر برماله الذهبية ومياهه الصافية، أو أثناء تواجدك بمينائها التاريخي المكتظ بقوارب الصيد البحري، تسترعي انتباهك تلك الجزيرة المنتصبة في شموخ على بعد كيلومتر ونصف أمام عينيك. تتساءل كغيرك من الأشخاص الذين وقفوا وقفتك هذه على مر السنين ماذا يوجد هناك؟

الوصف الشامل جزيرة موغادور

صورة لجزيرة موغادور بالقرب من الصويرة، تظهر معالمها الطبيعية والتاريخية.

تثير فضولك تلك الجزيرة الواقفة وسط البحر في ثبات، والتي مر على كونها مأهولة بالسكان لأول مرة قرون طويلة وغابرة، لم تكن أنت نفسك تتخيل في أبعد الاحتمالات أن عراقتها قد تصل لما قبل الميلاد. جزيرة موغادور الصويرة والجزر الصغيرة معها والتي تشكل مجتمعة أرخبيل الصويرة، هي ذلك الموقع التاريخي المذهل الذي سحرك وجعلك تفكر فيه طويلا.

يمكن رؤية أرخبيل الصويرة بوضوح باستعمال المنظار، عندها سترى أكبر تلك الجزر والتي تعرف بلقب جزيرة الحمام، غير أن اسمها هو جزيرة موغادور الصويرة. تتواجد بها قلعتان تحتوي كل واحد منهما على أبراج شاهقة الارتفاع، بالإضافة إلى دعائم خشبية تقع في كل ركن منهما، وأعشاش هنا وهناك للعديد من الطيور. وقد تم إدراجها ضمن التراث العالمي لليونيسكو سنة 1981.

أجريت في هاتين القلعتين العديد من الأبحاث الأثرية والأركيولوجية، والتي وجدت أحافير وأواني فخارية تعود للقرن السابع قبل الميلاد، وبقايا مزهريات أريزو يرجع تاريخها لـ 3000 سنة قبل الميلاد، وقد كتبت على هذه البقايا كتابة بالموغادورية الفينيقية. بالإضافة لمواد استعملت لنقل المواد الغذائية، وهو ما يتوافق زمنيا مع وجود الفينيقيين على الساحل الأطلسي وبنائهم للمستعمرات والمدن.


يتواجد بجزيرة موكادور كذلك سجن قديم حمل نفس اسم الجزيرة، تم بناؤه على مساحة 150 مترا مربعا خلال القرن 19 في فترة حكم السلطان مولاي عبد العزيز، وهو يحتوي على خمسة أبواب مختلفة الحجم ومنفذ واحد. كما تضم الجزيرة مسجدا بمئذنة يمكن مشاهدته من شاطئ الصويرة.

أصل التسمية


يرجع أصل اسم موكادور الذي تحمله الجزيرة إلى أصل فينيقي، أي أن الفينيقيين هم من أطلقوه عليها. ففي اللغة الفينيقية يوجد لفظ ميكدول والذي يعني الحصن الصغير، وقد تطور لفظ ميكدول مع توالي الأيام واستعمال في اللغات التي مرت على الصويرة كالبرتغالية والعربية والأمازيغية، هذه الأخيرة نفسها تحوي على لفظ أمكدول، والذي يعني الحصن العظيم.

عرفت جزيرة موغادور بأسماء أخرى كثيرة، فقد أطلق عليها الرحالة سيلاكس اسم لوكربيني، فيما سماها عالم الطبيعيات اللاتيني بيلنيوس الشيخ بالجزيرة الأرجوانية، أما الملك الأمازيغي بطليموس فقد أطلق عليها اسم تاموسيكا، غير أنها ذكرت في رحلة حانون باسم كاريكون تيكوس.

المحمية الطبيعية موغادور

صورة للمحمية الطبيعية في جزيرة موغادور، تضم تنوعًا بيئيًا فريدًا ومناظر طبيعية خلابة.

يمنع الهبوط على يابسة جزيرة موغادور أو الذهاب إليها بدون رخصة من السلطات في الصويرة، فقد أصبحت الجزيرة محمية طبيعية لأنواع عديدة من الطيور النادرة مثل النوارس، وصقور الأليونور، والسنونو، وطائر الغاق البحري، والطائر المغرد، والحمام الأزرق، مما حولها لمحمية طبيعية تستلزم زيارتها الحصول على ترخيص من السلطات في مدينة الصويرة.

جزيرة موغادور خلال حقبة البرتغاليين والعلويين

تبلغ مساحة جزيرة موكادو الواقعة على بعد 1.5 كلم عن مرفأ وشاطئ الصويرة 7ر22 هكتار، وقد استخدمت خلال مرحلة الاستعمار البرتغالي كسجن رمي فيه الساسة الذين عارضوا أو لم ينصاعوا أو أخطأوا في حق المستعمرين أثناء تواجدهم بالصويرة. وهو نفس الدور الذي لعبته في عهد العلوين، حيث كانوا يسجن فيها مرتكبو الجرائم الكبرى، والخونة، ومعارضي المخزن.

جزيرة موغادور خلال حقبة الرومان

صورة لجزيرة موغادور بالقرب من الصويرة، تظهر معالمها الطبيعية والتاريخية الساحرة.

أما في عهد الرومان فقد اشتهرت الجزيرة ومعها الأرخبيل ككل ومعهم الصويرة باسم الجزر الأرجوانية. فقد استخدم الرومانيون الصبغة الأرجوانية لصبغ أثوابهم الامبراطورية، مما جعل الجزيرة تتمتع بمكانة وشهرة واسعة في العالم الروماني، حيث كان يتم استخراج هذه الصبغة من الرخويات المقطوفة من الخليج بين الجزر واليابسة.

جزيرة موغادور خلال حقبة الفينيقيين

خلال العصر الفينيقي، كانت جزيرة موغادور محطة بحرية مهمة، إذ اعتمد عليها الفينيقيون باعتبارها ممرا ومركزا تجاريا مهما، كما أنها مثلت بالنسبة له الحصن الدفاعي الأول على اليابسة. أما خلال العصر الموري، فقد لعبت هذه الجزيرة دورا مهما في النشاط البحري في المرحلة الممتدة من القرن الخامس إلى القرن الثالث قبل الميلاد، حيث تم العثور فيها على بقايا الخزف الاغريقي العائد لتلك الحقبة من التاريخ. أرخبيل.
ستظل جزيرة موغادور الصويرة واحدة المواقع التاريخية التي تخفي في ثناياها العديد من الأسرار التاريخية التي ستكشف مع تجدد البحث الأثري فيها وتعمقه، وستبقى هذه الجزيرة شامخة تسحر العيون كلما نظرت نحوها مندهشة لمنظرها الخلاب فوق مياه البحر.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *