الطرب الغرناطي بفاس

الطرب الغرناطي لون موسيقي أصيل بفاس

الطرب الغرناطي هو أحد أهم التعابير الموسيقية في المغرب العربي، حيث يجسّد تراثًا غنيًا يمزج بين العناصر الأندلسية والمغاربية، مما يخلق مزيجا فريدا من الأصالة والإبداع. يعتبر هذا الفن جزءا لا يتجزأ من الهوية الثقافية للمنطقة، حيث يحظى بشعبية كبيرة واسعة الانتشار. يستند الطرب الغرناطي إلى مفهوم النوبة، وهو نوع من التوزيع الموسيقي يعتمد على تبادل الأدوار بين الآلات الموسيقية والأصوات الغنائية، مما يخلق تجربة موسيقية فريدة وممتعة للمستمعين.

تعد فاس واحدة من أقدم المدن التاريخية في المغرب و موطن العديد من التعابير الثقافية والفنية أهمها الموسيقى الاندلسية و الطرب الغرناطي. يحتضن هذا الاخير جمهورا واسعا في فاس، حيث يعتبر جزءا لا يتجزأ من الحياة الثقافية والاجتماعية في المدينة.

الطرب العرناطي مغروس في ذاكرة ووجدان سكان فاس، ويظهر في مناسبات كثيرة تحتضنها الفعاليات الثقافية والموسيقية بالمدينة.. يمكن رؤية عروض الطرب الغرناطي في العديد من المسارح والمنافذ الثقافية في فاس، حيث يجتذب الفنانون والموسيقيون الموهوبون جمهورا من مختلف الأعمار والخلفيات.

بفضل دعم الحكومة المحلية والمؤسسات الثقافية، يتم تعزيز الطرب الغرناطي وترويجه كجزء لا يتجزأ من التراث الثقافي لفاس. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الطرب الغرناطي في خلق جو من الانتماء والفخر بالهوية الثقافية المحلية، مما يجعله عنصرا مهما في تعزيز التواصل والتفاهم الثقافي بين سكان المدينة والزوار.

تعتمد آلات الرومي والمطرب والكمنجة بشكل كبير في عزف الطرب الغرناطي، وتساهم في إضفاء الطابع الأصيل والمميز على هذا الفن. يتميز الطرب الغرناطي بتقنياته الموسيقية المعقدة التي تشمل التلاعب بالإيقاعات والمقامات الموسيقية، كما يعتمد بشكل كبير على الغناء العاطفي الذي يعبر عن مشاعر عميقة ومتنوعة، ويسعى إلى إيصال رسالة فنية وثقافية إلى الجمهور.

تعتبر النصوص المطروقة جزءا أساسيا من فن الطرب الغرناطي، حيث يتميز هذا الفن بالتطريب والإحساس العميق، مما يجعله يستحق المكانة الرفيعة في عالم الموسيقى العربية. بفضل تنوع تقنياته وتعقيد موسيقاه، يحظى الطرب الغرناطي بشعبية كبيرة لدى عشاق الموسيقى في المغرب العربي وخارجه، مما يجعله جزءًا لا يتجزأ من التراث الثقافي والفني للمنطقة.

تاريخ الطرب الغرناطي

الطرب الغرناطي

تاريخ الطرب الغرناطي يعود إلى العصور الإسلامية في الأندلس، حيث كانت مدن قرطبة وإشبيلية وبلنسية المهد الأول لهذا الفن. خلال القرن الحادي عشر الميلادي، كانت هذه المدن تتنافس لتقديم أفضل ما لديها في مجال الطرب الغرناطي، وقد شكل هذا النهج الفني المدرسة الغرناطية الأولى.

في القرون اللاحقة، اكتملت معالم المدرسة الغرناطية المتأخرة، وظهرت كتركيب لأساليب سابقة خلال القرن الخامس عشر الميلادي. بعد سقوط الأندلس، نزح العديد من المهاجرين إلى دول شمال إفريقيا، حيث نزح مهاجرو غرناطة إلى مدينة تلمسان، ومهاجرو إشبيلية إلى تونس، بينما نزح مهاجرو بلنسية وبعض المهاجرين من إشبيلية وغرناطة وقرطبة إلى مدن المغرب مثل فاس والرباط وسلا وطنجة وتطوان وشفشاون ووجدة.

بالتدريج، استقر فن الطرب الغرناطي في تلك المدن، حيث تم نشر هذا النوع الغنائي الراقي في المملكة المغربية، وبالتحديد في مدن وجدة والرباط وتطوان. وفي العصر الحديث، تم تأسيس مركز الدراسات والبحوث الغرناطية في بوجدة كمركز رئيسي للحفاظ على هذا التراث الثقافي الهام وتعزيزه، ويقوم اليوم برعاية الدراسات والأبحاث التي تساهم في استمرارية هذا الفن الراقي.

النوبات الغرناطية

النوبات في الطرب الغرناطي تمثل تنظيمًا موسيقيًا دقيقًا يتألف من مجموعة متكاملة من النغمات والإيقاعات التي تميز كل نوبة عن الأخرى. وتتكون النوبات الاثنا عشر كاملة من مجموعة من الأجزاء المختلفة، وهي:

  • الرصد المزموم: يُعتبر بداية النوبة ويتضمن موسيقى دون إنشاد.
  • الزيدان: يمثل الانتقال إلى الإنشاد وتبدأ الأصوات الغنائية.
  • المْجَنْبة: تكون هذه المقطوعة من النوبة بطيئة وعميقة.
  • الحْسِين: تعتبر هذه المقطوعة من النوبة حماسية ومثيرة.
  • الرَّمْل الماية: تتضمن هذه المقطوعة إيقاعات متنوعة ومميزة.
  • رَمْل الماية: تستمر المقطوعة السابقة مع تطور الإيقاعات.
  • السِّيكَة: تمثل هذه المقطوعة الارتقاء والارتسام في الأداء.
  • الذيل رصد: يعتبر هذا المقطع نهاية النوبة ويكون هادئًا.
  • الذيل الغريب: يتميز هذا المقطع بالاستنتاج والتمييز.

بالإضافة إلى النوبات الكاملة، هناك بعض المقاطع الفرعية المهمة في الطرب الغرناطي، وهي:

  • المشالية: تمثل موسيقى دون إنشاد وتأتي في بداية النوبة.
  • التويشية: تمثل موسيقى دون إنشاد وتأتي في بداية النوبة أيضًا.
  • الموال: يمكن وضعه بين المقاطع الغنائية.
  • الاستخبار: يتم وضعه غالبًا في بداية النوبة.

تتميز كل نوبة بخمسة مقاطع أو إيقاعات معينة، وهي: المصدر، البطايحي، الدرج، الانصراف، والمخلص. يتم التبديل بين هذه المقاطع بشكل متسلسل لإنتاج تجربة موسيقية متكاملة ومتناغمة تعبر عن العمق والروحانية في الطرب الغرناطي.

مدارس الطرب الغرناطي

مدارس الطرب الغرناطي

مدرسة وجدة الجمعية الأندلسية

تُعتبر الجمعية الأندلسية في وجدة واحدة من أبرز المدارس التي تسهم في الحفاظ على تراث الطرب الغرناطي. تتميز هذه المدرسة بتقديم دروس وورش عمل تعليمية تهدف إلى نقل المعرفة والمهارات الفنية للأجيال الجديدة، وذلك من خلال تعلم الأصوات والإيقاعات التقليدية للطرب الغرناطي. تسعى الجمعية إلى الحفاظ على الهوية الثقافية الأندلسية من خلال تنظيم العروض الفنية والحفلات الموسيقية التي تبرز جمالية هذا الفن الراقي.

مدرسة الجمعية الموصلية للطرب الغرناطي

تتواجد بوجدة هي الاخرى وتعتبر هذه المدرسة مركزًا رئيسيًا لتعليم وتعزيز فن الطرب الغرناطي في المدينة. تهدف الجمعية إلى توفير بيئة تعليمية مثالية للمهتمين بتعلم وتطوير مهاراتهم في هذا الفن العريق. بالإضافة إلى تقديم الدروس والورش العملية، تنظم الجمعية أيضًا مختلف الفعاليات الثقافية والموسيقية التي تعزز فهم وتقدير الموروث الغنائي الغني للطرب الغرناطي.

مدرسة جمعية أحباب الشيخ صالح

تتميز هذه المدرسة بتركيزها على تعليم ونشر الطرب الغرناطي بناءً على التقاليد الفنية والثقافية للشيخ صالح الوزاني. تسعى الجمعية إلى إحياء تراث الشيخ صالح من خلال تعليم الطرب الغرناطي وتنظيم المهرجانات والحفلات التي تكرم إرثه الفني العظيم.

مدرسة الجمعية الإسماعيلية

تُعنى هذه المدرسة بتعليم وتعزيز الطرب الغرناطي وفقًا للتقاليد الفنية الإسماعيلية. تهدف الجمعية إلى تشجيع الشباب على اكتشاف مواهبهم الموسيقية وتطويرها من خلال دروس وورش العمل والحفلات الفنية.

مدرسة جمعية نسيم الأندلس

تسعى هذه المدرسة إلى الحفاظ على تراث الطرب الغرناطي ونقله إلى الأجيال الشابة من خلال تقديم دروس متخصصة وورش عمل فنية تشجع على التفاعل والابتكار في مجال الطرب الغرناطي.

هذه المدارس والجمعيات تشكل جزءا هاما من النسيج الثقافي والفني في وجدة، وتساهم بشكل فعّال في إرساء قواعد وتعزيز فن الطرب الغرناطي والمحافظة على موروثه الثقافي الغني.

مناسبات الطرب الغرناطي

تشمل المناسبات التي يحضر فيها الطرب الغرناطي مجموعة متنوعة من الأحداث الدينية والاجتماعية التي تعكس الحياة الثقافية والروحانية في المجتمعات التي تعتني بهذا الفن الاصيل. ومن بين هذه الناسبات:

  • المولد النبوي الشريف: تعد مناسبة المولد النبوي الشريف واحدة من الأحداث الدينية الهامة التي يتم الاحتفال بها في العديد من البلدان الإسلامية. يشكل الطرب الغرناطي جزءًا من الاحتفالات التي تقام بهذه المناسبة، حيث يتم تقديم الأداء الموسيقي والغنائي الذي يعبر عن الفرح والسرور بهذه الذكرى الدينية الكريمة.
  • مواكب زوايا الطرق الصوفية: تعتبر مواكب زوايا الطرق الصوفية واحدة من المناسبات الدينية التي تجذب العديد من المؤمنين والمهتمين بالتصوف. يتم خلال هذه المواكب تقديم الطرب الغرناطي كجزء من الأداء الروحي والتأملي الذي يرافق هذه الفعاليات الدينية.
  • الأفراح والمناسبات السعيدة: يعتبر الطرب الغرناطي جزءا لا يتجزأ من الاحتفالات والمناسبات السعيدة مثل الزفاف والخطوبة والاحتفالات العائلية الأخرى. يتم خلال هذه المناسبات تقديم الأداء الموسيقي والغنائي الذي يضفي على الأجواء الفرحة والبهجة.

بشكل عام، تُعتبر مناسبات الطرب الغرناطي فرصة لتعزيز التواصل الاجتماعي والترابط الثقافي، بالإضافة إلى تعزيز الانتماء للتراث الثقافي الغني للمجتمعات التي تحتفل بهذا الفن العريق.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *