فاس البالي: تاريخ المدينة العتيقة بفاس
هي فاس البالي او المدينة القديمة او العتيقة، و كلها اسماء عرفت بها فاس القديمة، التي كانت أول أجزاء المدينة منذ التأسيس الأول على يد الأدارسة. وهي اهم جزء تاريخي في المدينة العلمية التي صارت تراثا عالميا وفق تصنيف اليونسكو.
فاس البالي بقعة جميلة تحتضن مجمل المعالم التاريخية لفاس، و حضيت باهتمام كل السلالات الحاكمة التي تعاقبت على حكم المغرب. دروب ضيقة تخترق الأحياء العتيقة وتمد جسور التواصل بينها كانها اللغة السرمدية للتاريخ و الحياة، تفوح منها رائحة الماضي التي تتسلل الى القلوب قبل الانوف والاذان، لتنطلق الانوف في التقاط الروائح الزكية للعطور والتوابل في بعض احيائها وان حدث وان زكمتها الروائح المنبعثة من مدابغ الجلود. قد يتيه الزائر في الدروب الضيقة المتماثلة ويضيع طريق الخروج من تلك المتاهة، ولذا يفضل ان تتجول مع شخص يعرف المكان جيدا أو مع مرشد سياحي محلي.
أسسها الأدارسة
يعود تاريخ فاس القديمة الى القرن التاسع الميلادي على يد المولى إدريس الاول اول السلاطين الأدارسة ، و من بعده ابن المولى ادريس الثاني الذي اتخد من فاس عاصمتها. شملت فاس القديمة كلا من عدوة القرويين التي احتضنت القبائل العربية المهاجرة من مدينة القيروان التونسية و عدوة الاندلس التي سكنها من فر من ملاحقة الامويين بقرطبة في الاندلس بالإضافة إلى ساكنة من أصل يهودي.
فاس البالي بعد الأدارسة
افل نجم الدولة الإدريسية و وقعت فاس والمغرب تحت وطأة الصراع بين الدولة الفاطمية و الامويين في الاندلس. في البدء كان الزناتيون مستقلون عن الطرفين ، لكنهم بعد ذلك اعلنوا الولاء الامويين ، فصارت فاس تابعة الامويين يحكمها ولاتهم من امراء زناتة.
اعتنى الأمراء الزناتيون بالمدينة وأدخلوا فيها اصلاحات كثيرة، أهمها المئذنة المربعة بجامع القرويين التي تمت تحت مباركة و تمويل الأمويين.
بعد الاستيلاء عليها من قبل المرابطين، اولى يوسف بن تاشفين عناية خاصة بالمدينة، رغم ان العاصمة كانت آنذاك في عهده هي مراكش. و لكن لدور فاس كمركز تجاري و اشعاعها العلمي و الديني، اختارها لتكون منارة المذهب المالكي الذي كان يعتنقه المرابطون، فاولى عناية خاصة بالمساجد و دور القرآن ، ووسع جامع القرويين و زينه بالنقوش و الآيات القرآنية. و يقال ان تحول جامع القرويين الى اداء مهام الجامعة كان في العهد المرابطي.
توالت الأسر الحاكمة على المغرب بعد المرابطين، غير ان اعظم تاثير على فاس البالي كان في عهدهم. فالمرينيون اصحاب الشأن الاكبر في فاس ، كان تاثيرهم بالاساس في فاس الجديد.
الاثار و المعالم التاريخية في فاس البالي
لفاس البالي باع طويل في تاريخ المدينة و تاريخ المغرب ككل، و قد تركت السلالات الحاكمة في المغرب أثارها التي تابى النسيان على ذاكرة التاريخ العمراني و الحضاري للمدينة العلمية. و لتعدد المعالم التاريخية ، نكتفي فقط بذكر بعضها.
جامع القرويين
ورثته مدينة فاس عن الأدارسة الأوائل ، وراى النور في القرن التاسع الميلادي بفضل فاطمة الفهرية. عاش جامع القرويين فترات انتقالية طبعت تاريخه المجيد، فمن مسجد للصلاة في العهد الأول إلى جامعة علمية استقطبت أسماء وازنة في ذلك الوقت و لقنت تخصصات قل من يهتم بها آنذاك مثل الفلسفة والطب والكيمياء والرياضيات والفلك.
مسجد الأندلسيين
كان تأسيسه في نفس فترة تشييد جامع القرويين ، على يد شقيقة فاطمة الفهرية ، مريم الفهرية. تم بناؤه في عدوة الأندلسيين ، وشهد المسجد إصلاحات عديدة بعد ذلك ، لكنه حافظ على شكله و مكانه العامين.
زاوية مولاي إدريس الثاني
هي المكان المقدس بالمدينة و يضم الضريح الذي دفن فيه المولى ادريس الثاني، أهم سلطان في فترة الأدارسة. في عهد السلطان المولى إسماعيل العلوي أعيد ترميمه وعرف إصلاحات كثيرة هي من أعطته شكله الحالي، و أضيفت إليه المنارة والقبة الهرمية.
الزاوية التيجانية الكبرى
هي المكان الذي يضم ضريح سيدي أحمد التيجاني، تأسست في القرن الثامن عشر. تقع الزاوية في حي البليدة قرب جامع القرويين في فاس البالي.
مسجد الشرابليين
تأسس في العصر المريني في القرن الرابع عشر الميلادي. ويعتقد أن من اسسه هو السلطان المريني ابو الحسن. يقع المسجد في الطلعة الكبيرة بفاس البالي. شهد تعديلات في فترة السلطان العلوي مولاي سليمان، وما بقي على حاله من الفترة الاولى للتأسيس المريني غير المئذنة و المدخل الرئيسي، و ما دونه قد اضافه العلويون.
مسجد بو جلود
أسسها السلطان ابو يوسف يعقوب المنصور الموحدي في القرن الثاني عشر الميلادي، و هو احد اقدم المساجد بالمدينة. بني على انقاض قصبة المرابطين لاي كانت تسمى قصبة بوجلود في الجهة الغربية لمدينة فاس. عندما وقعت فاس في يد المرينيين ، قام السلطان ابو يحيى بن عبد الحق بإعادة إصلاحه و وضع مئذنة المسجد التي بقيت الى حدود الآن.
باب الگيسة
او باب الجيسة او باب عجيسة، هو أحد أشهر أبواب فاس القديمة، و يقال ان اصله هو باب حصن سعدون. يرجع تاريخ هذا الباب في الغالب الى القرن العاشر الميلادي، على يد دوناس بن عجيسة اثناء حكمه للجهة الغربية لفاس او العالية قبل توحيد فاس على يد المرابطين.
مسجد باب الرصيف
يضم المسجد صومعة هي من الاعلى من نوعها في المدينة، و تهيمن على اطراف حي باب الرصيف لعلوها و بروزها من بعيد. يعود تأسيس المسجد الى فترة حكم السلطان المولى مولاي سليمان في أواخر القرن الثامن عشر و بداية القرن التاسع عشر.
المدرسة البوعنانية
هي من اشهر ما ورثته فاس عن المرينيين. بناها السلطان فراس بن على ابي عنان المتوكل، وعرفت في الأول باسم المدرسة التوكلية، قبل ان تتحول الى المدرسة البوعنانية. ظهرت الوجود في القرن الرابع عشر الميلادي.
مدرسة العطارين
تأسست هي الأخرى في فترة حكم المرينيين في القرن الرابع عشر الميلادي. سميت كذلك لتواجدها قرب سوق التوابل و العطور.
دار البطحاء
هو قصر ملكي شرع في بنائه السلطان العلوي مولاي الحسن الأول في بداية القرن التاسع عشر الميلادي ، و اتممه خلفه السلطان مولاي عبد العزيز. يتواجد قصر البطحاء قرب باب بوجلود في فاس البالي و قريب ايضا من فاس الجديد. تحول عام 1915 الى متحف الآثار و الفنون التقليدية. يشمل المتحف الآن حوالي 6500 قطعة تقليدية.