زوايا وأضرحة مدينة فاس التاريخية
تُعتبر الزوايا والأضرحة جزءًا لا يتجزأ من تراث مدينة فاس العريقة. ففاس المدينة العلمية طالما زخرت وافتخر سكانها باحتضان مختلف المعالم الدينية التعبدية والتعليمية والروحية.
وتمثل الزوايا مراكز للتعليم الديني والتصوف، حيث يجتمع فيها الناس للصلاة والتأمل والدروس الدينية. وتتميز ببناياتها الجميلة ومعمارها الأصيل، لتعكس تفرد الهندسة المغربية التقليدية.
أما الأضرحة، فهي مقابر تضمُّ رفات القادة الدينيين والعلماء والزعماء التاريخيين، وتُعتبر مراكز للزيارة والزيارات الدينية. تعتبر الأضرحة مواقع ذات أهمية كبيرة للمسلمين، حيث يقصدونها للتأمل والصلاة والاستفادة من الروحانية الخاصة بها.
في هذا المقال، نستعرض أهم الزوايا والأضرحة التى سكنت مدينة فاس وطبعت تاريخها واصبحت مناراة لكل عاشق للسياحة الثقافية او الحياة الروحية.
زاوية مولاي ادريس الثاني
تعتبر زاوية مولاي إدريس الثاني واحدة من الوجهات الروحية والثقافية البارزة في مدينة فاس. تضم الزاوية ضريح السلطان إدريس الثاني، الذي يُعتبر مؤسس مدينة فاس العريقة وحاكمها الرئيسي في القرن الثامن. تقع الزاوية في قلب المدينة القديمة، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لليونسكو، مما يجعلها واحدة من أبرز المعالم التاريخية والدينية في المغرب والعالم.
يتوافد إليها الزوار والمسلمون من جميع أنحاء العالم للتأمل والصلاة والاستمتاع بالسحر الروحي الذي تتناثره هذه الزاوية. ولا تقتصر أهمية زاوية مولاي إدريس الثاني على الجانب الديني فحسب، بل تمتد لتشمل الجانب الثقافي والتاريخي أيضًا، حيث تُعتبر مركزًا للتعليم والثقافة التقليدية في المنطقة.
ما يميز هذا الموقع هو الأجواء الساحرة والأثرية التي تعيد الزائر إلى العصور القديمة، حيث يمكن للزوار استكشاف العمارة التقليدية المغربية والاستمتاع بالديكورات الداخلية الفريدة والمميزة.
بالإضافة إلى ذلك، تعتبر زاوية مولاي إدريس الثاني مكانًا للاحتفالات والمناسبات الدينية والثقافية، حيث ينظم فيها مختلف الفعاليات والمهرجانات التي تجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم.
باختصار، فإن زاوية مولاي إدريس الثاني تجمع بين الأصالة والتراث والروحانية، مما يجعلها واحدة من الوجهات السياحية الهامة للزوار الساعين لاستكشاف التاريخ والثقافة الغنية لمدينة فاس.
الزاوية التيجانية
زاوية سيدي أحمد التيجاني، المعروفة أيضًا بالزاوية التيجانية، تشكل وجهة دينية وتاريخية مميزة في مدينة فاس. يقع هذا المجمع الديني الإسلامي في قلب فاس البالي، الحي القديم للمدينة، بالقرب من جامعة القرويين، مما يجعلها سهلة الوصول بالنسبة للزوار والسياح الراغبين في استكشاف هذا الجزء الأصيل من المدينة.
تأسست الزاوية لتكريم وتخليد ذكرى الشيخ أحمد التيجاني، مؤسس الطريقة التيجانية في القرن الثامن عشر، والذي دُفن في هذا الموقع المقدس. تُعتبر الزاوية من بين الأماكن المقدسة المخصصة للتجاني في المدينة.
يتميز المجمع بواجهاته المزخرفة بشكل لافت للنظر التي تطل على الشارع، بالإضافة إلى المئذنة ذات اللون الفيروزي الجميل، مما يضفي على المكان جاذبية خاصة للزوار والمهتمين بالفن الإسلامي والعمارة التقليدية.
تُعتبر الزاوية التيجانية مكانًا مهمًا للزوار الذين يبحثون عن تجارب دينية وتاريخية مميزة في مدينة فاس، حيث يمكنهم الاستمتاع بالجمال المعماري والروحاني لهذا المكان الساحر، وفهم الدور الذي لعبه الشيخ أحمد التيجاني في تاريخ وتراث المدينة.
زاوية سيدي عبد القادر الفاسي
زاوية سيدي عبد القادر الفاسي، المعروفة أيضًا بالزاوية الفاسية، تُعتبر واحدة من أبرز المعالم الدينية والتاريخية في مدينة فاس. تمت تسمية هذا المجمع الديني الصوفي تيمناً بالشيخ عبد القادر بن علي الفاسي، المعروف بـ “تاج العارفين”، والذي كان مفتيًا للصوفية في المدينة خلال القرن السابع عشر.
تقع الزاوية جنوب فاس البالي مما يجعلها وجهة مثالية للزوار الراغبين في استكشاف التراث الديني والثقافي لفاس. يضم المجمع المقدس مسجدًا وضريحًا، حيث تُقام الصلوات والمناسبات الدينية، ويُحتفظ بذكرى وتراث الشيخ عبد القادر الفاسي.
تتميز الزاوية بمعمارها الإسلامي الجميل والمزخرف ومئذنتها الفريدة و ضريح الزعيم الروحي عبد القادر بن علي الفاسي وتجسد القلب النابض للصوفية الفاسية.
إنها عالم فريد من الجمال يعكس الفن المعماري الاسلامي، مما يجذب الزوار من مختلف أنحاء العالم. يعتبر الضريح المرتبط بالزاوية مكانًا مقدسًا للعديد من المسلمين، الذين يأتون لطلب البركة والدعاء.
بالإضافة إلى الأبعاد الدينية والروحية، تُعتبر زاوية سيدي عبد القادر الفاسي مكانًا للاحتفالات والمناسبات الثقافية والدينية، حيث ينظم فيها مختلف الأنشطة التي تسلط الضوء على التراث الثقافي للمدينة والمنطقة.
زاوية سيدي احمد الشاوي
جامع روضة سيدي أحمد بن محمد الشاوي يعد مكانًا مهمًا في فاس، إذ يتميز بأصالته وتاريخه العريق. يعود أصل هذا الموقع إلى زاوية سيدي أحمد الشاوي في حومة الجرف، حيث بناها بعد وفاة سيدي أحمد اللمطي الذي اشتهر ببناء زوايا ومساجد أخرى داخل وخارج فاس. توفي سيدي أحمد بن محمد الشاوي في عام 1014 هـ ودُفن في زاويته بحومة الجرف. قام السلطان سيدي محمد بن عبد الرحمن العلوي بتجديد وتوسيع المسجد وجعله مكانًا لأداء صلاة الجمعة في عام 1282 هـ.
زاوية سيدي التاودي بن سودةزاوية سيدي التاودي بن سودة هي معلم ديني وتاريخي مميز في القلب النابض لمدينة فاس العتيقة في المغرب. أخذت اسمها تيمنا بمحمد التاودي بن سودة، الشيخ الصوفي البارز الذي عاش في القرن الثامن عشر والذي يعتبر من بين أهم المفكرين والعلماء المسلمين في تاريخ المغرب. توفي سنة 1795م .
تقع الزاوية في حي سوق بن صافي، بالقرب من شارع زقاق بغال. تتكون من مسجد يضم قاعة للصلاة وفناء داخلي وبيت وضوء ومئذنة. يتميز الضريح بتصميمه الخاص الذي يضفي عليه سحرًا خاصًا، حيث يتمتع بقبعة خشبية على طول الجدار الجنوبي الشرقي. زين محراب المسجد بالجص المنحوت والمطلي، مع وجود كتابين عربيين على بلاط زليج. يرتفع محور المئذنة الرئيسي إلى ارتفاع 20.3 متر، بينما يبلغ ارتفاع الفانوس الثانوي 4.3 متر.
تعتبر زاوية سيدي التاودي بن سودة وجهة مثيرة للاهتمام للزوار الساعين لاستكشاف العمارة الإسلامية التقليدية والتراث الديني في المغرب.
زاوية سيدي علي بوغالب
زاوية سيدي علي بوغالب تعتبر واحدة من الأضرحة المهمة والمقدسة في المجتمعات العربية والإسلامية. إنها مكان يحظى بتقدير كبير ويعتبر مركزًا للعبادة والتأمل للكثيرين. يتوافد الناس إليها من مختلف الأماكن لطلب الدعاء والشفاء، وتقديم التضامن والدعم لبعضهم البعض.
وسيدي علي بوغالب هو واحد من الأولياء المحترمين في فاس، يتبرك بزيارته يوم يوم الأربعاء. يعتبر الأب الروحي لطائفة الحجامين بفاس، حيث تنظم لهم موسماً سنوياً لتكريمه. يُذكر أن جده جاء من مدشر الصارويين واستقر بحومة صاريوة، حيث نشأ. كان يعمل كحاجم وكان يتمتع بشهرة واسعة ويعالج الفقراء. بعد وفاته، توسعت شهرته وأُقيمت روضة على قبره. يعتبر سيدي علي بوغالب رمزًا للحجامين التقليديين في فاس، الذين كانوا يعملون ليس فقط كحلاقين ولكن أيضًا كممارسين للطب الشعبي، حيث كانوا يجرون عمليات جراحية بسيطة ويعالجون الجروح. تستمر تقاليدهم وتكريمهم لسيدي علي بوغالب حتى الآن.
تعتبر زاوية سيدي علي بوغالب مكانًا مهمًا للعديد من الناس، حيث يلتقون هناك لتبادل الخبرات والتجارب وتقديم الدعم المعنوي والروحي لبعضهم البعض. إنها زاوية تجمع بين العبادة والتضامن الاجتماعي، مما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من الحياة الاجتماعية والدينية في المجتمعات التي تحترم تقاليدها الدينية.
مقابر المرينيين
تتواجد زوايا المرينيين في مدينة فاس البالي، حيث تعتبر قبور المرينيين بمثابة أنقاض القصر ومقبرة لعائلة بني مرين القديمة. يشيد المؤرخون بجمالية القبور الرخامية والمرثيات الملونة التي كانت تزينها، ورغم تضررها الجزئي اليوم، إلا أنها ما زالت توفر مناظر بانورامية رائعة للمدينة القديمة.
تشكل الجدران القديمة جزءًا من أقدم أنظمة الدفاع في المدينة، حيث تعود بعض الجدران إلى القرن الثاني عشر، وتشمل ذلك برج كوكب الذي كان يستخدم سابقًا كمأوى لمرضى البرص.
تمتد مقابر المرينيين حتى باب الكيسة، وهو بوابة تاريخية بُنيت في القرن الثالث عشر، مما يعكس أهمية وتأثير العائلة المرينية في المدينة وتاريخها.
كانت الزوايا والاضرحة الدينية ولا تزال مكانا مهما في الذاكرة الجمعية للمغاربة والفاسيين على الخصوص. فهي منبع تاريخي لا ينضب لاحداث كبرى وسمت تاريخ البلد، ومقرا لقبور أعلام تركت بصمتها حتى هذا اليوم، وبقيت فئات كبيرة من السكان ترتبط ببركاتها وموروثها العلمي والثقافي. ومن له وجهة نظر اخرى، فإنه لا يمكن الا ان يتفاجأ بفخامة المباني والهندسة المعمارية التي نتجت عن هذه الاسماء او خلدتها. أنها اليوم تظل وجهات سياحية كبيرة لعشاق التاريخ والثقافة العريقة، ونبراس للمنغمسين في الروحانية او من يريدون أبهى الاماكن للتعبد والصلاة.