حدائق المنارة بين الماضي والحاضر
تتميز مراكش بكثرة الحدائق التي تجذب الزوار إليها، ويمكن اعتبار حدائق المنارة أبرز المعالم الطبيعية في المدينة الحمراء، حيث تجسد هذه الحدائق تلاقي الجمال الطبيعي والتاريخ العريق، مما يجعلها وجهة مثالية للزوار والمقيمين على حد سواء للاستمتاع بالهدوء والجمال.في هذا المقال سنتناول حدائق المنارة بالتفصيل، من خلال الحديث عن النشأة والمكونات الطبيعية.
الوصف العام لحدائق المنارة
تعد “المنارة” من أبرز حدائق مدينة مراكش، وتتميز بصهريج ضخم وجناح ملكي أنيق، بالإضافة إلى حديقة تحتضن مئات أشجار الزيتون التي تروى من مياه الصهريج، تتميز بتاريخها العريق ومناظرها الخلابة وإمكانية رؤية جبال الأطلس منها مباشرة. ليلا يتحول المكان إلى عالم مليء بألوان الغروب الذهبية والحمراء، مما يخلق أجواء ساحرة وسيريالية. وبفضل موقعها القريب من المطار الدولي، تعتبر المنارة المكان المثالي للزوار وذلك للاسترخاء والاستمتاع بالجمال الطبيعي سواء السكان المقيمين بمراكش أو الوافدين عليها.
الخلفية التاريخية
يرجع تاريخ المنارة إلى عام 1157م، حيث أنشأ السلطان عبد المؤمن بن علي الكومي صهريجا ضخما لتدريب الجنود على السباحة وفنون القتال البحري، تمهيدا لرحلاتهم إلى الأندلس أو للدفاع عن السواحل المغربية ضد الهجمات الأوروبية، يعود الفضل في تصميم الصهريج إلى الحاج يعيش المالقي، المهندس العبقري الذي بنى أيضا مسجد الكتبية الشهير.
كما يوجد جناح يطلق عليه “المنزه” في حدائق المنارة يمثل لمسة فريدة من نوعها، حيث يجمع بين الجمال الأثري والطبيعي الخلاب، وهو في الأصل جناح تم تشييده من قبل السعديين في القرن السادس عشر، وتم تجديده لاحقًا بأسلوب معماري رفيع في العام 1869، يعتبر هذا الجناح مكانا مثاليا للاسترخاء والتمتع بالمناظر الخلابة، حيث يطل على بحيرة جميلة ويوفر إطلالات خلابة على الحدائق المورقة وجبال أطلس المغطاة بالثلوج في فصل الشتاء والربيع، وفي فصل الصيف.
التحولات المعمارية
تم بناء المقصورة الملكية على يد السلطان العلوي محمد الرابع في عام 1870، لتصبح المنارة مكانا للاسترخاء بعيدا عن حر مدينة مراكش. يمتد صهريج المنارة بطول 200 متر وعرض 160 مترا، وعمق يبلغ مترين ونصف، وكان يملأ بالمياه القادمة من ضواحي منطقة “أوريكا” الجبلية عبر تقنية “الخطارات” أو المجاري الجوفية التي ابتكرها ابن المؤنس المرابطي.
البيئة الطبيعية
تحيط بالصهريج أكثر من 1006 شجرة زيتون، كما أنشئت حديقة حيوان صغيرة في الحدائق عام 1991 على يد عائلة “MUZZY” التي جلبت لها العديد من أنواع الطيور، بما في ذلك النعام.
الجناح الملكي
يتكون مبنى الجناح الملكي من طابقين، يحتوي الطابق السفلي على أربعة أعمدة عالية وفضاء مفتوح يؤدي إلى شرفة تطل على الصهريج، أما الطابق العلوي، فيضم غرفتين؛ تطل إحداهما على حديقة الجناح الملكي، بينما تقود الأخرى إلى شرفة تطل على الصهريج.
الحديقة اليوم
تشبه حدائق المنارة حدائق “اكدال” في مراكش وصهريج “السواني” في مكناس وجنان “السبيل” في فاس، وتعد نموذجا كلاسيكيا للحدائق الملكية في المغرب، يعتقد بعض المؤرخين أن تصميم حدائق المنارة استلهم من حدائق الأندلس القديمة.
تحولت المنارة من مبنى ملكي للاستجمام إلى وجهة شعبية تستقطب مئات الأسر المراكشية هربا من أشعة الشمس الحارقة في المدينة الحمراء.
أوقات الزيارة
يمكن زيارة حدائق المنارة في أي وقت من السنة، حيث تستقبل الزوار يوميا من الساعة 8:00 صباحًا حتى 7:00 مساء دون رسوم دخول، يمكن الوصول إليها بسهولة سيرا على الأقدام أو بواسطة أي وسيلة نقل، سيارة أجرى أو حافلة أو غيرها.
إن حدائق المنارة وجهة لا غنى عن زيارتها لمن يسعى للاستمتاع بجمال الطبيعة والتاريخ، فهي حدائق تاريخية تزخر بالمناظر الطبيعية الخلابة، وهي شاهد من الشواهد الحية على روعة وجمال وعراقة مراكش.