المطبخ الفاسي: تنوع فريد و ثقافة عريقة
المطبخ المغربي في شموليته غني عن التعريف وهو احد اهم المطابخ العالمية حيث يأتي في المرتبة الأولى عربيا والثانية عالميا من حيث الغنى والتفرد بعد فرنسا. وتأتي فاس ومكناس والرباط ومراكش في مقدمة الروافد الرئيسية للطبخ المغربي. و اليوم ستتعرفون معنا على مكنوزات المطبخ الفاسي و ما يميزه من اطباق شهية سواء التي يتقاسمها مع تقاليد الطبخ في مدن مغربية أخرى مع اختلاف في المكونات و تلك التي تميز فاس وحدها عن غيرها في المأكولات الخاصة بالمدينة العلمية.
البسطيلة الفاسية
يعد طبق البسطيلة من الأطباق الفاخرة ويقدم في المناسبات الدينية والحفلات والأعراس و هي ماركة مسجلة للمطبخ المغربي وأحد أهم خواصه. يرجع بعض المؤرخين أصل الطبق الى الموريين بالاندلس الذين يعتقد انهم جلبوه معهم الى المغرب. إلا أن مؤرخين آخرين يرون أن الأصل في طبق البسطيلة يعود اولا الى المغرب ثم أخذه الموريون عنهم و اعادوه إلى المغرب مرة أخرى. تتميز البسطيلة بنكهات و تزيينات فريدة تختلف من منطقة مغربية الى أخرى و تسمى باسمها. و اهم انواع البسطيلة المغربية على الإطلاق هي البسطيلة الفاسية.
البسطيلة الفاسية تتكون من ورق معجن يتم تحضيره في البيت أو اقتناؤه عند الباعة المتخصصين و يقوم الطاهي، غالبا النسوة، بحشوه باللحوم البيضاء مثل الحمام والدجاج والديك الرومي او انواع من السمك مثل الكروفيت او الكلمار. غالبا ما يتم تزيين الطبق باللوز و تدخل في تحضيره الكثير من المكونات الاخرى حسب الذوق مثل الثوم و القزبر و مختلف انواع التوابل.
الحلويات الفاسية
للحلويات في مدينة فاس طعم خاص وهي من التقاليد العريقة للمدينة التي برعت في تقديم مختلف أنواع الحلويات بفضل صناع متخصصين برعوا في هذه الحرفة و توارثوها أبا عن جد. تشترك فاس مع مدن مغربية كثيرة في أنواع معينة من الحلويات رغم تميز الحلويات الفاسية بطعمها و مهارة صانعيها، إلا أن هناك أصناف لا تتذوقها إلا بالمدينة العلمية مثل الحلوى الفيلالية.
رغم أن الفيلالية لم تظهر في مدينة فاس بل في منطقة تافيلالت شرق المغرب كما لازال يوحي بذلك اسمها، غير أنها استوطنت فاس و تطورت فيه وأصبحت إحدى علامات المطبخ التقليدي بالمدينة.
ولا يقتصر صنع الحلويات في فاس على الفيلالية لوحدها، بل هناك أنواع اخرى مثل كعب غزال والشباكية المشهورة في كامل التراب المغربي و المقروطة و الفقاص و غربية والزلابية.
طاجين اللفت و الحمص الفاسي
هذا الطبق الخاص بمدينة فاس هو وصفة مأكولات عريقة يحضر بواسطة اللفت و الحمص و اللحم. ولأن الطاجين يحتوي على اللفت القوي المذاق يفضل ان يكون نوع اللحم به خفيف القوة ولهذا يختار لحم العجل على حساب لحم الغنم لقوة هذا الأخير. يدخل الثوم و زيت الزيتون والزنجبيل في تحضيره.
الكسكس الفاسي
يعد الكسكس، او ما يسمى “الطعام” في مدن اخرى بالمغرب خاصة في الجنوب، أشهر أطباق المطبخ المغربي هو والطاجين. ولا يمكن أن تجد منطقة في المغرب لا تقوم بتحضيره كوجبة على الاقل يوم الجمعة من كل أسبوع. و يعد الكسكس الفاسي احد اهم طرق تحضير الوجبة و هو تاريخ راسخ في المدينة. كان الكسكس قديما يفتل حبيبات صغيرة من الطحين باليد، أما الآن فغالبا ما يقتنيه الطباخون جاهزا من المحلات، تم يطهونه على مراحل في صحن خاص مثقب القاع يسمى “الكسكاس” ويوضع فوق الطنجرة التي تحتوي المرق الخاص بالكسكس مثل أنواع معينة من الخضر كالجزر و اللفت و القرع بالإضافة إلى اللحم الاحمر او الابيض كالدجاج.
الخليع
الخليع كان بالأساس يرتبط بعيد الأضحى عند المسلمين ، وكان أهل فاس يحتفظون ببعض اللحم من الأضحية لإنتاج الخليع. يتم تحضير الخليع عبر تقطيع اللحم الى أشرطة رقيقة واضافة الملح اليه ليساعد على تحفيظه و تجفيفه. يترك هذا اللحم ليجف لبضعة أيام حسب الفصول و حالة الطقس. بعدها يتم تخليه بإضافة زيت الزيتون وبعض التوابل مثل الكمون و الثوم و القزبر و يطهى لثلاث ساعات تقريبا. يوضع الخليع بعد عملية التحضير تلك في أواني حسب المرحلة التاريخية، إما أواني خزفية للتخزين أو قنينات زجاجية اليوم، و يدخل في تحضير اطباق اخرى او يقدم كطبق مستقل لوحده او مع البيض خاصة في وجبة الفطور.
يعتبر الخليع واحدا من أهم وأخص الأطباق الذي تميزت بها مدينة فاس حتى وإن كان الخليع معروف في جل مدن المغرب. وحتى وإن كان الخليع الذي يباع في مناطق أخرى قد انتج نحليا، إلا أن الباعة غالبا ما يصرون على انه مستورد من فاس، لأن الخليع الفاسي معروف بجودته و مهارة تحضيره.
الحريرة الفاسية
الحريرة طبق معروف في كل مناطق المغرب و العديد من البلدان العربية ، و يحضر بالأساس في شهر رمضان. وإذا كانت كل المدن المغربية تعرف هذا الطبق ، إلا أن طريقة التحضير و المكونات تختلف من مدينة لأخرى.
تدخل في الحريرة الفاسية المكونات التالية: الحمص المرقد و العدس و قطع صغيرة من اللحم والبصل والطماطم المفرومة و البقدونس و القزبر بالإضافة إلى الشعرية و الطحين و التوابل مثل الملح و الابزار و الزعفران.
تعتبر الحريرة الفاسية طبق رمضاني بامتياز لما تحتويه من مواد مغذية بعد فترة الصيام، إلا أنكم تجدونها في المقاهي و المطاعم الشعبية في المدينة و بأثمان مناسبة.
المعقودة
تشتهر فاس بهذه الأكلة الشعبية الخفيفة و يقتنيها الفاسيون و زوار المدينة على السواء. ويعتقد ان الطبق فاسي الأصل ومصدره يعود إلى حي الشعابين بمدينة فاس. يقوم هذا الطبق على البطاطس التي يتم سلقها في الماء مع المكونات الأخرى كالثوم والملح والفلفل الحار، و يضيف لها البعض الجبن و البيض. يمكن تناولها بعد ذلك ككريات لوحدها أو مع طبق من السلطة المغربية بالخضر او حشو الخبز الجاهز بها مع مكونات اخرى كاللحم او السمك.
الرفيسة الفاسية
هي أحد الأطباق التي تميز المطبخ المغربي و الفاسي، و الرفيسة هي نوع من الثريد (و الحال أنها تسمى “التريد” في مناطق أخرى من المغرب). طبق الرفيسة يحضر عادة في المنزل لأنه طبق عائلي و يقدم في المناسبات الدينية أو الخاصة، وهو من الأطباق التي تعطى للمرأة بعد وضع المولود لما له من قيمة غذائية لتقوية الجسم بعد الولادة و مكونات اخرى مدرة للحليب مثل الحلبة والعدس و التوابل الخاصة التي تسمى “مساخن”، أي تساعد على تدفئة الجسم.
يتكون طبق الرفيسة من رقائق الرغائف التي تعرف بالمسمن، و هي نوع من المسمن الرهيف يتم تحضيره في البيت. ثم المرق الخاص بالطبق و يتكون من الدجاج و الحلبة والعدس والقزبر والبقدونس والثوم والملح والتوابل والزيت. بعد نضوج المرق يوضع المسمن في صحن كبير ويتم سكب المرق فوقه.
هذه فقط بعض من أنواع المأكولات التي تحتويها الخزانة الضخمة للمطبخ الفاسي الذي يعرف بجودته و مهارة الطباخين في المغرب ككل والعالم بأسره.