السور الموحدي بالرباط

السور الموحدي بالرباط

يعتبر السور الموحدي في الرباط من أبرز المعالم التاريخية و الدفاعية للمدينة. بني عام 1197 في عهد الخليفة الموحدي أبو يوسف يعقوب المنصور، ويمتد لأكثر من 5.2 كيلومتر، محيطا بمساحة تبلغ حوالي 450 هكتارا. يتراوح سمك السور بين 2.37 مترا، وارتفاعه بين 7.55 و10.31 مترا، مما يجعله أحد أبرز الأمثلة على العمارة الدفاعية في العهد الموحدي.

يعتبر السور الموحدي، بأبراجه وبواباته وتحضيراته الدفاعية المتقنة، جزء مهم من التراث التاريخي والمعماري لمدينة الرباط، ويعكس أهمية المدينة كحصن دفاعي رئيسي في العهد الموحدي.

التحصينات الدفاعية للسور الموحدي

جدران السور الموحدي

التحصينات الدفاعية للسور الموحدي في الرباط تشكل جزءا أساسيا من نظام الدفاع العسكري في ذلك العصر، حيث تم تصميمها بدقة لتوفير الحماية القصوى للمدينة وسكانها. يتكون السور الموحدي من مجموعة أبراج و معاقل تعمل سويا لصد أي هجوم وتعزيز قدرة المدينة على التصدي للتهديدات الخارجية.

تُميز السور الموحدي أبراجه المستطيلة الشكل، تتوزع بانتظام على طول الجدران، مما يسمح بتغطية واسعة لجميع المناطق المحيطة بالمدينة. تصميم هذه الأبراج يضمن قدرة عالية على الرصد والمراقبة، مما يتيح للمدافعين رصد الأعداء والتصدي لهم بشكل فعال.

بالإضافة إلى الأبراج، يضم السور معقلين رئيسيين يعملان نقاط قوة دفاعية رئيسية:

  • معقل ثلاثي الجوانب:يعود تاريخ هذا المعقل إلى عصر الدولة العلوية، ويقع بالقرب من برج الصراط. يتميز بتصميم يسمح برصد الأعداء من زوايا متعددة، ويضم ثلاثة مدافع لتعزيز الدفاع عن السور.
  • حصن رباعي الجوانب: يقع في تقاطع الوجوه الغربية والجنوبية للسور، مما يجعله نقطة تحكم استراتيجية مهمة. يتمتع بتصميم يسمح بالرصد الكامل للمنطقة المحيطة، ويضم أربعة مدافع لتقديم دعم دفاعي فعال. يستخدم هذا المعقل منصبا لحراسة القصر الملكي، مما يعكس أهميته الاستراتيجية في تأمين المدينة.

تجسد التحصينات الدفاعية للسور الموحدي القوة والتحضير الدقيق في مواجهة الأعداء، وتعكس استراتيجية دفاعية متقدمة لتأمين السكان والممتلكات في مدينة الرباط. إنها شاهدة على الإرث العسكري والهندسي الرائع لحضارة المغرب القديمة.

بوابات السور الموحدي

بوابات السور الموحدي

بوابات السور الموحدي في الرباط تمثل جوانب مهمة من البنية الدفاعية والتاريخية للمدينة، حيث كانت تعتبر نقاط الدخول الرئيسية إلى القلعة ووسائل الوصول إلى الداخل والخارج منها. تمتاز هذه البوابات بتصميماتها المعمارية الفريدة والتي تعكس العمق التاريخي للمنطقة.

باب العلو

باب العلو بالرباط

يعتبر باب العلو من أبرز بوابات السور الموحدي، حيث يتميز بارتفاعه البالغ 10.85 مترا وعرضه الذي يبلغ 19.2 مترا، مما يجعله بوابة ضخمة ومهمة. يقع هذا الباب على الطريق المؤدي إلى البوابة الكبرى قصبة الوداية، وهو يشكل نقطة دخول حيوية إلى القلعة.

باب الحد

باب الحد في الرباط

يقع جنوب باب العلو، ويمتاز بعرضه الكبير الذي يبلغ 21.96 مترا وارتفاعه الذي يصل إلى 11.8 مترا. يعتبر باب الحد من البوابات الهامة التي كانت تستخدم للوصول إلى مناطق مختلفة داخل المدينة.

باب الرواح

باب الرواح بالرباط

يعتبر باب الرواح أحد أكبر البوابات في السور الموحدي، حيث يتميز بعرضه البالغ 28.01 مترا وارتفاعه الذي يبلغ 12 مترًا. كان هذا الباب يشكل نقطة دخول رئيسية إلى المدينة، وكان يستخدم كمدخل رئيسي للتجارة والحركة الاقتصادية.

باب الحديد

يقع جنوب باب الرواح، وقد كان يعتبر بابا هاما في السابق، إلا أنه تم دمجه ضمن القصر الملكي، ولم يعد متاحا للجمهور.

باب زعير

باب زعير بالرباط

يقع في الجهة الجنوبية من السور، وكان يستخدم كنقطة دخول إضافية إلى المدينة. يمتاز بتصميمه البسيط وارتفاعه الذي يبلغ 9.71 مترًا.

بجانب البوابات الرئيسية، تمت إضافة عدة أبواب إضافية منذ القرن التاسع عشر لتسهيل الوصول إلى المدينة وزيادة سهولة التنقل، وتعكس هذه البوابات التطور التاريخي للمدينة وتأثيرها الثقافي والاقتصادي.

الأبواب الإضافية للسور الموحدي

الأبواب الإضافية التي تمت إضافتها إلى السور الموحدي في الرباط منذ القرن التاسع عشر تعكس التطور التاريخي للمدينة وتمثل نقاط دخول إضافية تسهل عبور السور وتسمح بالوصول إلى المناطق الداخلية للمدينة. إليك تعريفاً مفصلاً لكل بوابة:

باب أهل فاس

يعتبر نسخة طبق الأصل من باب السفراء، وهو يقع بين باب الرواح وباب الحديد. يتميز هذا الباب بتصميمه المعماري الجميل والذي يتماشى مع أسلوب بناء السور الموحدي.

باب مسعود

تعتبر بوابة مسعود حديثة نسبيا مقارنة بالبوابات الأخرى، وتقع جنوب باب الرواح. تسمح هذه البوابة بالوصول إلى ثكنات الحرس الملكي، مما يجعلها نقطة مهمة للوصول إلى المناطق العسكرية داخل المدينة.

باب سيدي بوعزة

تعتبر بوابة سيدي بوعزة من البوابات التي كانت مخصصة للجنود ومخزن السلطان. تقع هذه البوابة بين باب مسعود وباب الحديد، وكانت تستخدم للوصول إلى المنطقة التي كانت تستضيف مخازن العتاد العسكري.

بوابة السور الموحدي

تقع غرب باب زعير، وتسمح بالوصول إلى مدينة الطوارقة من منطقة السويسي. تعتبر هذه البوابة نقطة دخول إضافية للمدينة، مما يسهل التواصل بين الأحياء المختلفة في الرباط.

أسوار أخرى بناها الموحدون في القصبة

تاريخ الأسوار وتطورها

داخل منطقة القصبة في الرباط، توجد حصون وأسوار تاريخية تعود إلى عهد دولة الموحدين. بدأ بناء السور الأول عند تأسيس القلعة على يد عبد المؤمن، وتوسع فيما بعد في عهد ابنه وخليفته أبو يعقوب يوسف المنصور بإضافة سور آخر على جانب النهر. هذا الجدار الثاني يتألف من أقسام متعامدة مع بعضها البعض، ويمتد على طول شارع بازو، ويصل ارتفاعه في بعض المناطق إلى نحو 10 أمتار وبسمك يتجاوز أحيانا 3 أمتار، مما يعزز دفاعات القلعة. تشمل الأسوار مساحة تزيد عن 3.5 هكتار.

جدران الأسوار

تتكون الأسوار الموحدية من أربعة جدران عمودية تحيط بالقصبة:

  • جانب الشمال الغربي:يبلغ طول السور في هذا الجانب حوالي 240 مترا. يضم 10 أبراج مستطيلة، يشكل أحدها ملتقى مع الوجه الغربي للسور. لقد كان الممر محميا بحاجز، لكن الممر في هذه الجهة اختفى بمرور الزمن.
  • جانب الغرب:يحتوي على بوابة الباب الكبير التي تحتل موقعا مركزيا. ويتضمن ثلاثة أبراج تحيط بالسور الواقع إلى الجنوب من البوابة الكبرى. البرج الثالث والأخير من البوابة الكبرى يشكل ملتقى للسور الموحدي الثالث مع السور العلوي. كان الممر محميًا بحاجز يتخلله بعض الثغرات وتعلوه شرفات ذات أهرامات.
  • جانب الجنوب الغربي: يتقاطع السور في هذا الجانب مع جدارين متعامدين من السياج العلوي، مما يؤثر على طابعه الدفاعي. يحتوي على آثار دفاعية مثل أبراج بارلونج القديمة والطريق المسقوف. وحتى وإن ظلت هذه الآثار غير محمية حاليا ولكنها تشهد على تاريخ السور الدفاعي.

الأهمية الدفاعية

شكلت هذه الأسوار والتحصينات الموحدية جزءا مهما من نظام الدفاع في مدينة الرباط. بفضل ارتفاعها وسماكتها، كانت قادرة على صد الهجمات وحماية السكان داخل القصبة. الأبراج المستطيلة والشرفات الهرمية أضافت طبقة إضافية من الحماية، مما جعل هذه الأسوار منيعة ضد الأعداء.

التأثير التاريخي والمعماري

تعتبر أسوار الموحدين في الرباط مثالا رائعا على الهندسة الدفاعية في العصور الوسطى الإسلامية. تعكس هذه الأسوار الإبداع الهندسي والمعماري لدولة الموحدين، وتظل اليوم شاهدا على تاريخ مدينة الرباط العريق. زيارة هذه الأسوار تمنح الزوار فرصة لاستكشاف التاريخ والغوص في عمق الحضارة الإسلامية التي سادت المنطقة.

يجب التأكيد في الأخيرعلى أن استمرار الحفاظ على هذه الأسوار وتوثيق تاريخها وأثرها يعتبر جزءا أساسيا من الجهود الرامية إلى الحفاظ على التراث الثقافي للمغرب وتعزيز الوعي بتاريخه العريق والمتنوع. إن فهم أهمية الأسوار الموحدية يساهم في تعزيز الوعي بالتراث الثقافي والتاريخي للمنطقة، ويعزز الروح الوطنية والانتماء للمجتمع المحلي والوطني.

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *