استكشاف شالة مدينة الرومان ومرقد ملوك بني مرين

تم تأسيس شالة في القرن السادس قبل الميلاد على يد الفينيقيين كمركز تجاري على ساحل المحيط الأطلسي، ما جعلها نقطة تجارية هامة في تلك الحقبة.

توسعت في ما بعد تحت الحكم الروماني وأصبحت مستعمرة تعرف باسم “سالا كولونيا”، حيث شهدت بناء هياكل عامة مثل الساحة العامة، الحمامات، والمعابد. مع دخول الإسلام، تغير اسم الموقع إلى “شالة”، واستمر في التطور ليصبح معلمًا تاريخيًا يضم بين طياته آثارا من مختلف الحضارات، مما يجعله اليوم واحدا من أهم المواقع الأثرية بمدينة الرباط المغرب، يجذب الزوار والباحثين لاستكشاف تراثه المتنوع.

متى شيدت شالة

اسوار شالة

شيدت شالة في القرن السادس قبل الميلاد، حيث بدأت كمستوطنة فينيقية على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق، بالقرب من المحيط الأطلسي. هذه الفترة شهدت ازدهارا تجاريا بفضل الموقع الاستراتيجي الذي اختاره الفينيقيون لتأسيس مركزهم التجاري. فيما بعد، ومع دخول الرومان في القرن الأول الميلادي، شهدت شالة تحولات كبيرة، حيث تمت إعادة تنظيمها وتوسيعها لتصبح مستعمرة رومانية تعرف باسم “سالا كولونيا

متى بني باب شالة

تم بناء باب شالة في القرن الرابع عشر الميلادي، خلال فترة حكم السلطان المريني أبو يوسف يعقوب بن عبد الحق. يُعد باب شالة من أهم المعالم المعمارية التي أضافتها الدولة المرينية إلى الموقع. هذا الباب الكبير يُعتبر مدخلا رئيسيا للموقع الأثري، وقد بني بتصميم معماري دفاعي، حيث يحيط به سور قوي ومدعوم بأبراج مربعة لتعزيز الحماية.

تميز باب شالة بزخارفه الهندسية الجميلة والنقوش الإسلامية الدقيقة التي تعكس فن العمارة المريني. هذه الزخارف تتضمن نقوشا على الحجر وآيات قرآنية بخط كوفي، إلى جانب عناصر معمارية زخرفية أخرى، مما يجعله نموذجًا رائعًا للفن المعماري المغربي في تلك الحقبة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الباب يتصل بالسور المريني المحيط بالموقع، والذي بُني لتعزيز التحصينات الدفاعية لشالة، خاصة مع التحول الكبير الذي شهده الموقع عندما تحول إلى مقبرة ملكية لعائلة بني مرين. الباب كان يؤدي إلى المسجد والمقبرة، مما عزز أهمية الموقع كمكان مقدس وتحول إلى وجهة للزوار والحجاج الذين كانوا يتوافدون إلى المكان للتبرك بأضرحة الملوك المرينيين

وصف شالة

شالة هي موقع أثري يقع على الضفة الجنوبية لنهر أبي رقراق في مدينة الرباط، المغرب. يتميز الموقع بتنوعه الغني وتعدد الحضارات التي تعاقبت عليه، مما يجعله أحد أهم المعالم الأثرية في المملكة.

عند دخولك إلى شالة، يستقبلك سور عالٍ ومتين، بُني في القرن الرابع عشر الميلادي، ويمتد محصنا بمداخل وأبراج مربعة الشكل تعكس الطابع العسكري للدولة المرينية. السور يتسم بلونه المائل إلى الحمرة، مصنوع من الحجر، ويعلوه زخارف ونقوش معمارية تقليدية مغربية.

البوابة الرئيسية لشالة، باب ضخم ذو قوس مرتفع، مزخرف بنقوش دقيقة على الحجر الكلسي، ويحتوي على كتابة بالخط الكوفي تعلوه. بعد المرور من البوابة، يمر الزائر عبر ممر محصّن يؤدي إلى الساحات الداخلية، حيث تتوزع الهياكل المعمارية التاريخية.

أحد أبرز معالم شالة هو المنطقة الجنائزية المرينية، التي تضم أضرحة ملوك وأعيان بني مرين. تتوسط هذه المنطقة قبور وأضرحة مغطاة بقباب ذات زخارف هندسية معقدة و بالزليج المغربي المتقن. قبة السلطان أبو الحسن وقبة زوجته شمس الضحى تعدان من أجمل المعالم المعمارية داخل الموقع، بفضل زخارفها الدقيقة وتفاصيلها المعمارية التي تعكس ذروة الفن الإسلامي المغربي في العصور الوسطى.

بالإضافة إلى الأضرحة، يحتوي الموقع على بقايا مسجد صغير يعرف باسم المسجد العتيق، بالإضافة إلى دار الوضوء والحمام الذي يتكون من عدة قاعات بدرجات حرارة مختلفة، حيث ما زالت بعض الجدران والأقواس قائمة رغم الزمن.
في الناحية الجنوبية الغربية من الموقع، يوجد حوض النون، وهو خزان مائي قديم كان يُستخدم للوضوء، وتحول في الثقافة الشعبية إلى موقع تتدفق حوله الأساطير والخرافات.

شالة تحتوي أيضًا على بقايا من الهياكل الرومانية القديمة، مثل الحمامات والمعابد. المعابد الرومانية، التي كانت مخصصة لعبادة الآلهة القديمة، تظهر بقاياها مع أعمدة حجرية متآكلة وأسس مباني متجاورة. كذلك يمكن رؤية بقايا الساحة العمومية (الفوروم) الروماني، الذي كان يستخدم كمركز اجتماعي وتجار في العصر الروماني.

يمتزج بين أنقاض شالة طابع طبيعي مميز؛ الحديقة المحيطة بالموقع تزدان بأشجار التين والزيتون، والزهور البرية التي تنمو بين آثار المباني القديمة. نهر أبي رقراق الذي يتدفق بجوار شالة يضفي على المكان هدوءًا وسكينة، مما يجعل الموقع يبدو كواحة من الماضي محاطة بالطبيعة

ماذا يوجد في شالة

شالة تحتوي على مجموعة متنوعة من المعالم الأثرية التي تعكس تنوع الحضارات التي مرت عليها. أهم ما يميز الموقع هو المنطقة الجنائزية المرينية التي تضم قبورًا وأضرحة لأعيان وملوك بني مرين، مثل ضريح السلطان أبي الحسن وزوجته شمس الضحى. هذه الأضرحة مزينة بزخارف هندسية إسلامية وزليج مغربي تقليدي.

إلى جانب الأضرحة، يوجد مسجد صغير يُعرف باسم المسجد العتيق، ومرافقه مثل دار الوضوء. بالقرب من المسجد، يمكن رؤية الحمام المريني الذي يضم قاعات مخصصة للاستحمام بدرجات حرارة مختلفة. هذه القاعات مغطاة بقباب نصف دائرية تعطي الحمام طابعًا معماريًا فريدًا.

شالة تحتوي أيضًا على بقايا رومانية تعود إلى الفترة التي كانت فيها مستعمرة رومانية تعرف باسم “سالا كولونيا”. من بين هذه البقايا، هناك الساحة العمومية (الفوروم)، والمعابد الرومانية، والحمامات. يمكن رؤية أعمدة حجرية متآكلة وبعض الأساسات المعمارية التي تدل على الأنشطة العامة والتجارية التي كانت تتم هناك.

كما يوجد في الموقع حوض النون، وهو خزان مائي قديم كان يستخدم لأغراض دينية ووضوء المصلين، وقد ارتبط بالعديد من الخرافات والأساطير المحلية، ما جعله مقصدا لعدد من الزوار الباحثين عن البركة.

الموقع مزود أيضًا بحديقة طبيعية تضم أشجار التين والزيتون، مما يضفي على المكان جواً من السكينة

من دفن في شالة

شالة تعتبر من أبرز المقابر الملكية للمرينيين، حيث دفن فيها العديد من ملوك وأعيان بني مرين، وهو ما أضفى على الموقع أهمية تاريخية ودينية كبيرة. أول من دفن في شالة كان السلطان المريني أبو يوسف يعقوب في أواخر القرن الثالث عشر الميلادي، الذي أمر بتحويل الموقع إلى مقبرة ملكية بعد وفاة زوجته أم العز ودفنها هناك عام 1284 م. بعد وفاته، دفن هو الآخر في شالة.

ومن بين الشخصيات المهمة التي دُفنت في شالة السلطان أبو الحسن المريني، الذي يعتبر أحد أشهر ملوك بني مرين. اشتهر أبو الحسن بعلاقاته الواسعة مع الأندلس واهتمامه بالفنون والهندسة المعمارية. وقد دفنت بجواره زوجته شمس الضحى.

ثم ابنه السلطان أبو عنان فارس، الذي أكمل مشروع والده وأضفى تحسينات على الموقع، دفن أيضا في شالة. وقد قام أبو عنان ببناء العديد من المنشات الهامة داخل الموقع، بما في ذلك مدرسة ومسجد، كما زين أضرحة أجداده بقبب مزخرفة.

إلى جانب هؤلاء الملوك، تضم شالة رفات العديد من أفراد الأسرة الملكية المرينية وأعيان البلاط، مما يجعلها مقبرة متميزة تاريخيًا وثقافيًا.

أوقات زيارة شالة

سور شالة بمدينة الرباط

موقع شالة الأثري في الرباط مفتوح للزوار طوال أيام الأسبوع، مما يجعله متاحا للجمهور على مدار العام. تختلف ساعات العمل حسب الفصول، حيث تكون الزيارة متاحة عادةً من الساعة 9:00 صباحًا وحتى 5:00 مساءً في فصلي الشتاء والخريف، بينما تمتد ساعات الزيارة في فصلي الربيع والصيف حتى حوالي 6:30 مساء

اسعار تذكرة زيارة شالة

ويمكن للوزار اكتشاف المزيد من المعطيات عبر موقع Chellah لمشاركة المعلومات و حجز وشراء تذاكر الدخول عن بعد، والتي يتراوح سعرها ما بين 70 درهما و 120 درهما ، بينما يستفيد المغاربة والأجانب المقيمون في المغرب من خصم 50 في المائة على أسعار الزيارة وبشكل مجاني لفائدة الطلاب والتلاميذ”

Similar Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *