أسوار الرباط البحرية والنهرية
تعتبر الأسوار البحرية والنهرية في مدينة الرباط جزءا مهما من التراث التاريخي والمعماري للمدينة، حيث لعبت دورا حيويا في حماية وتأمين المدينة عبر العصور. يمتد سور النهر بطول 69 مترا ويحتوي على بوابة باب البحر الشهيرة ومعقل برج للا القادسية، بينما تعود الأسوار البحرية إلى القرن الرابع عشر خلال فترة حكم الدولة المرينية، وقد أعيد بناؤها في القرن التاسع عشر في ظل حكم الدولة العلوية.
هذه الأسوار، التي كانت مزودة بالمدافع وتشكل خطا دفاعيا قويا يربط بين قصبة الوداية والسور الموحدي، تعكس تطور الفنون العسكرية والتقنيات الهندسية في ذلك الوقت، وتظل شاهدا حيا على الأهمية الاستراتيجية والتاريخية لمدينة الرباط
أسوار النهر
يقع سور نهر الرباط كجزء من منظومة التحصينات الدفاعية للمدينة. يمتد السور بطول 69 مترا، بمتوسط ارتفاع يبلغ 4 أمتار، ويصل سمكه إلى حوالي 1.73 متر. كان هذا السور يربط النقطة الشمالية الغربية للنهر بالنقطة الجنوبية المحادية لمنطقة قصبة الوداية، ولكن هذا الجزء من السور دمر في بداية القرن العشرين.
من اهم اجزاء التحصينات النهرية تاتي بوابة باب البحر، وهي من أقدم وأهم بوابات المدينة. منذ نهاية القرن الثاني عشر، كانت هذه البوابة تستخدم كمنفذ لأحد الطرق الرئيسية لمدينة الموحدين. تاريخ السور الحالي والبوابة يعود إلى نهاية القرن الثامن عشر، حيث أعيد بناؤها لتعزيز الدفاعات البحرية للمدينة.
الأهمية التاريخية والاستراتيجية
حتى أوائل القرن العشرين، كان سور النهر يطل مباشرة على نهر أبي رقراق، مما سمح بوصول القوارب إلى المدينة عبر بوابة باب البحر. هذا الموقع الاستراتيجي جعل من السور جزء أساسي للدفاعات المائية للرباط، حيث كان يتحكم في الوصول البحري إلى المدينة ويوفر حماية ضد الغزوات البحرية.
المعالم المرتبطة بسور النهر
يحتوي السور أيضًا على معقل برج للا القادسية. هذا البرج يساهم في تعزيز القوة الدفاعية للسور ويوفر نقطة مراقبة استراتيجية على طول النهر.
السور الذي كان يربط النقطة الشمالية الغربية لسور النهر بالنقطة الجنوبية المحاذية لمنطقة قصبة الوداية تعرض للتدمير في بداية القرن العشرين. على الرغم من ذلك، تظل الأجزاء المتبقية من السور، بما في ذلك بوابة باب البحر، التي تظل معلما دالا على التاريخ العريق للمدينة وأهميتها الاستراتيجية.
الأسوار البحرية
تاريخ البناء
يعود تاريخ الأسوار البحرية في الرباط إلى القرن الرابع عشر، خلال فترة حكم الدولة المرينية. كانت هذه الفترة الزمنية تشهد تطورا كبيرا في الهندسة العسكرية والتحصينات الدفاعية، حيث كانت الدولة المرينية تسعى لحماية موانئها ومدنها الساحلية من الغزوات البحرية. في القرن التاسع عشر، شهدت الأسوار إعادة بناء كامل في ظل حكم الدولة العلوية، وذلك بهدف تعزيز الدفاعات الساحلية وتجديد البنية التحتية القديمة لمواكبة التحديات العسكرية المعاصرة.
تصميم الأسوار
تمتد الأسوار البحرية لأكثر من 800 متر، وتتميز بتصميم دفاعي قوي يشمل استخدام المدافع وأبراج المراقبة. كانت هذه الأسوار تشكل خط دفاعي رئيسي يربط بين قصبة الوداية والسور الموحدي، مما يوفر حماية متكاملة للمدينة من الهجمات البحرية. التصميم شمل أيضا أبراجا متعددة موزعة على طول السور، تستخدم لأغراض المراقبة والدفاع، مما يعكس فهما متقدما للتكتيكات العسكرية في ذلك الوقت.
تحصينات السور البحري
تشكل تحصينات السور البحري احد اهم الخطوط الدفاعية عن المدينة من جهة البحر، وكانت مكون اساسي في هياكل تامين المدينة. تتكون تلك التحصينات من اسوار وابراج متعددة على الجانب البحري من مدينة الرباط.
حصن مولاي رشيد
بني حصن مولاي رشيد في النصف الثاني من القرن السابع عشر كجزء من استراتيجية الدفاع البحري عن مدينة الرباط وقصبة الوداية. كان الهدف من بناء الحصن تعزيز الدفاعات الساحلية وحماية المدينة من الغزوات البحرية، مما يعكس الأهمية الاستراتيجية للمنطقة في ذلك الوقت.
يتخذ حصن مولاي رشيد شكلا شبه منحرف قريب من المربع، وتتراوح أبعاده بين 56.3 و59.5 مترا. يحيط بالحصن جدار سميك يتراوح ارتفاعه بين 5.5 و9 أمتار، مما يوفر دفاعا قويا ضد الهجمات.
كان الحصن مجهزا ب 12 مدفعا برونزيا، مما أضاف إلى قوته الدفاعية. يحتوي الحصن على ثمانية أبراج موزعة على زواياه ووسط واجهاته، مما يتيح نقاط مراقبة متعددة وزوايا دفاعية فعّالة. يقع المدخل الرئيسي في البرج المركزي للوجه الشمالي الشرقي، مما يبرز إلى تصميمه الدفاعي المدروس.
استمر حصن مولاي رشيد في أداء دوره الدفاعي حتى عهد السلطان الحسن الأول، حيث تم تحويله إلى ثكنة عسكرية. خلال القرن العشرين، شهد الحصن تحولات إضافية، حيث استخدم كسجن لفترة من الزمن. في مرحلة لاحقة، تحول الحصن إلى متحف مخصص للتاريخ العسكري للمغرب، مما يعكس أهميته التاريخية والعسكرية. ورغم ذلك، يظل الحصن مغلقا أمام الجمهور حتى الآن.
برج الصراط
بني برج الصراط بين عامي 1775 و1776 كجزء من الجهود لتعزيز الدفاعات البحرية في الرباط. يتخذ البرج شكل شبه منحرف ويقع على جدار السور الموحدي. يحتوي البرج على 19 حجرة، مما يوفر مساحة كافية لتخزين المعدات والجنود. في بداية القرن العشرين، أضيفت منارة الرباط إلى هذا البرج، مما زاد من أهميته كمعلم ملاحي ودفاعي في آن واحد.
برج السقالة
يشبه برج السقالة برج الصراط في التصميم، ويضم 22 حجرة موزعة على طوابقه المختلفة. يعرف هذا البرج أيضا باسم برج الطيارين أو برج الواد، وكان مجهزا بأربعة مدافع، مما أضاف إلى قوته النارية ودوره الدفاعي. تم تصميم البرج بشكل يسمح بمراقبة الشواطئ والدفاع عنها بفعالية.
برج الدار
يقع برج الدار في منتصف السور البحري، في موقع كان يحتوي على حصن من القرن السابع عشر. أعيد بناء البرج بشكله الحالي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر ليواكب التحديات العسكرية الجديدة. لعب البرج دورا محوريا في الدفاع عن الساحل وكان جزءا من نظام التحصينات المتكامل الذي يربط بين مختلف أجزاء السور البحري.
البرج الكبير
أنشئ البرج الكبير في القرن التاسع عشر على الواجهة البحرية للأرض المشمولة ببناء السور العلوي. عُرف البرج أيضا باسم حصن جوتنبرغ، نسبة إلى المهندس الألماني فالتر جوتنبرغ الذي أشرف على بنائه. اكتمل بناء البرج في عام 1888، وكان مجهزا بمجموعة من البنادق الحديثة التي تعزز من قوته الدفاعية.
يقع البرج في منتصف الطريق بين الأطراف الشمالية للسور الموحدي والسور العلوي، مما يجعله نقطة استراتيجية هامة في نظام الدفاع الساحلي للرباط. هذا البرج للاسف اختفى وحل محله مقهى ومطعم للاكلات الشعبية الرباطية يحمل نفس الاسم: مطعم البرج الكبير.
اسوار مدينة الرباط النهرية والبحرية لازال جلها صامدا شامخا في وجه كل التحولات الطبيعية والاحداث التاريخية التي مرت بها. هي الان من ابرز المعالم التاريخية للمدينة، وجزء هام من الموروث الثقافي والحضاري للمغرب. تعتبر هذه الاسوار اليوم وجهة سياحية رفيعة للزوار المغاربة والعرب والاجانب.